للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- الزعم بأن المصلحة تقتضي التحلل من الأحكام الشرعية لمواكبة الحضارة العصرية والانفتاح عليها من غير التقيد بالقيود الشرعية. فهذا وأمثاله من قبيل المصالح الملغاة التي رفضها الشارع ولم يعوّل عليها ألبتة بسبب أنها مرجوحة من حيث الصلاح، ومغلوبة من حيث النفع، وبالنسبة لما ستؤول إليه من مفاسد عظمى ومهالك محققة، فهي - وإن تضمنت في بعض الأحيان في الظاهر - بعض الصلاح النادر وقلة من النفع العابر ولكنها لا تقوى على مزاحمة المصالح المعتبرة والمنافع الغالبة والمقاصد المقررة، فالتشبث بها اتباع للشهوات وتصيّد للشبهات وتحيّل لتحليل المحرمات، بل تحلّل من أحكام الشريعة، والتعلق بمثل هذه الشهوات الفاسدة والشبهات الكاسدة بدعوى المصلحة المزعومة ومواكبة التطور والحضارة المنهارة قرمطة وسفسطة، ومسايرة للهوى ومجانبة للهُدى، لأن هذه المصلحة المزعومة في الحقيقة شهوة نفسانية أو شبهة شيطانية، لا مصلحة إنسانية ولا حكمة ربانية ولا مقاصد شرعية {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} (١) .

إن ميزان المصالح في التشريع الإسلامي ميزان دقيق ومضبوط. وهو علم جليل له شروطه وآدابه وأصوله وضوابطه، ويختص به أهله وأربابه من العلماء المجتهدين الربانيين، وهو ليس متروكاً للهوى والتشهي ومفوضاً لكل من هب ودب من أدعياء المصلحة بلا قيد ولا ضابط قال تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ} (٢) .

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

الخاتمة

تبين لنا من هذا البحث المتواضع:


(١) سورة النساء آية: ٢٧.
(٢) سورة آل عمران آية: ٧.