١- أن أفعال الله تعالى كلها منوطة بالحكمة، مبنيّة على تحقيق مقاصد ومصالح تعود على الخلق، وأن هذه المقاصد وتلك المصالح تتركز على جلب خير أو دفع ضر عن الخلق.
٢- أن للمصلحة تعاريف متعددة عند أهل العلم، والمختار - عندي - من هذه التعاريف:"أنها مقتضى العقول القويمة والفطر السليمة من الرشاد ما يحقق مقصود الشارع والعباد من صلاح المعاش والمعاد".
٣- الفرق بين الحكمة والعلة والسبب عند المتأخرين، وأن المتقدمين استخدموا هذه المصطلحات مترادفة.
٤- أن الشريعة قائمة على تحقيق مصالح العباد في الدارين، وأنها ليستْ تعبّدية تحكّمية تحلّل وتحرّم دون أن تقصد إلى شيء وراء أمرها ونهيها وحظرها وإباحتها، بل إن أحكامها - في الجملة - معلَّلة بالحكم والمصالح عند عامة أهل العلم، وقد دل على ذلك القرآن والسنة والإجماع وعمل الصحابة.
٥- أن المصلحة قد تكون منصوصاً عليها في كلام الشارع، وقد لا تكون منصوصاً عليها ولكن يهتدي إليها العالم بنور الله، وبالفهم الذي يؤتاه في الكتاب والسنة فيستنبطها، ولا بد في هذه الحالة من مراعاة قواعد التعليل وضوابطه ومسالكه وحدوده حتى لا يكون معللاً بذوقه وتخمينه وهواه، كما أنه لا بد أن يكون للفقيه من اليقظة والبصيرة وعمق النظر والاطلاع الشامل ما يمكّنه من استنباط العلة المناسبة والحكمة المقصودة من الحكم.
٦- أنه قد أنكر بعض أهل العلم منهم الرازي والأشاعرة والظاهرية تعليل الأحكام بالمصالح قائلين أن الله لم يشرع الأحكام لمقاصد أرادها منها، ولم يربطها بأوصاف تقتضيها، وإنما أمره تعالى لا لمصلحة بل لمحض مشيئته العارية عن حكمة أو مصلحة ملحوظة في التشريع واستدل هؤلاء لمذهبهم بأدلة متعددة بطرق شتى، وقد رد عليهم المحققون مبينين التناقض والاضطراب في قولهم وعدم صحة الاستدلال من دليلهم.