من أراد أن يقرأ بحثاً في نزع الخافض فلا بدَّ له بادئ ذي بدء أن يقف على معنى التعدي واللزوم ويلمَّ بأحكامهما، ويعرف علاماتهما، ومعنى تعلقهما بالفعل أو ما فيه رائحة الفعل، ليدرك بنفسه الأفعال المتعدية أصالة، والأفعال التي تعدت بسبب نزع الخافض منها، وذلك لتكون أحكامه بعدئذٍ دقيقة موافقة للقواعد التي وضعها علماء العربية في هذا الشأن، ولهذا رأيت أن أتحدث عن هذه المعاني تمهيداً للبحث، فجاءت في ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: تعدّي الفعل ولزومه
للفعل في العربية تقسيمات كثيرة: من حيث الصحة والاعتلال، ومن حيث التمام والنقصان، ومن حيث التجرد والزيادة، ومن حيث التعدي واللزوم ومن حيث الزمن الماضي والحاضر والمستقبل، ومن حيث الأبنية، وغير ذلك مما هو مبسوط في علم التصريف.
ويخصنا هنا تقسيمه من حيث التعدي واللزوم فنقول: الفعل ضربان: متعدٍّ، ولازم.
فالمتعدّي: هو المتجاوز يقال عدا فلان طورَه أي: جاوزه، وعند النحاة هو: تجاوز الفعلِ الفاعلَ إلى مفعول به أو أكثر.
وهو يصل إلى المفعول به بدون واسطة حرف جرّ، ويسمّى متعدياً بنفسه، وواقعاً، ومتجاوزاً، وإنما سمّي بهذه الأسماء، لأنه تعدّى الفاعلَ إلى المفعول به، وتجاوزه إليه، ووقع عليه فعل الفاعل.
ولازم: وهو الذي لا يصل إلى المفعول به إلا بواسطة حرف جرّ ويسمّي أيضاً قاصراً، أومتعدياً بحرف جرِّ، وسمّي بهذه الأسماء للزومه فاعلَه فلم يتعدَّه إلى سواه، ولم يتجاوزه إلى غيره، واللازم ينصب ما سوى المفعول به من المفاعيل وأشباهها نحو: جلست آمناً جلوساً أمامَ المسجد يومَ الخميس وزيداً.