وفي العربية أفعال كثيرة استعملت متعدية ولازمة منها: غاض الماءُ، وغضته، وفَغَرَ الرجلُ فاه، وفَغَرَ فوه، وكسفتِ الشمسُ، وكسف اللهُ الشمسَ، ودَلَعَ لسانُه، ودَلَعَ الرجلُ لسانَه، وهي كثيرة جاء منها في القرآن قوله تعالى:{ما يَأْتيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رّبِّهم مُّحْدَثٍ إلاَّ اسْتَمَعوهُ وَهُمْ يَلْعَبونَ} وقال تعالى: {وَإذا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعوا لَهُ وَأَنْصِتوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(١)
المسألة الثانية: علامات تعدّي الفعل ولزومه.
وضع النحاة علامات يُستدلُّ بها على معرفة اللازم من المتعدّي، وهي: صحة اتصال ضمير المفعول به بالفعل، ومجيء اسم مفعول تامٍّ منه، نحو القطار ركبته وهو مركوب، واللازم لا يجيء منه ذلك إلا بواسطة حرف الجرّ نحو الكرسي جلست عليه وهو مجلوس عليه.
وجعلوا للازم علامات يُستدلّ عليه بها، من هذه العلامات: كونه من أفعال السجايا، أو العوارض، أو يدلّ على نظافة، أو ضدها، ومطاوع المتعدي لواحد، وذكر ابن عصفور أنَّ من علامات اللازم ألاَّ يصحَّ السؤال عنه بأيِّ شيء وقع، نحو:(قام) و (جلس) ، إذ لا يقال: بأيِّ شيء وقع قيام زيد؟، ولا بأيِّ شيء وقع جلوس بكر؟ ، وغير ذلك مما هو مبسوط في كتب النحو قال ابن مالك في علامة المتعدّي:
علامة الفعل المعدّى أن تصل
ها غير مصدر به نحو عمل
وزاد في شرح التسهيل:"أن يصاغ منه اسم مفعول تام باطراد".
واعترض عليه الشاطبيّ والدماميني باعتراضات منها:
أوّلاً: أن من الأفعال العربية ما يتعدّى بنفسه تارة، وبحرف الجرّ تارة أخرى، نحو شكرته وشكرت له، ونصحته ونصحت له، ومثل هذه الأفعال تكون داخلة تحت قاعدته وخارجة عنها في آنٍ واحد بحسب الاستعمال، ومثل هذه الأفعال تكون مشكلة، والقواعد يستلزم فيها أن تكون حاصرة.
وأجيب عن هذا الاعتراض بأن باب شكرت له وشكرته موقوف علىالسماع، والحديث عمَّا ينقاس.