للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البحث في التضمين يطول لمن أراد أن يستوفي البحث حقه، والكلام فيه تتنازعه الحقيقة والمجاز، والنحو والبلاغة، ولكني سأُلم به في هذه العجالة، مشيراً إلى أهم ما دون فيه من بحوث، لمن أراد الوقوف على التفاصيل فأقول:

التضمين: من مصطلحات النحو والبلاغة والعروض.

وهو عند أهل اللغة: مصدر ضمّن يضمِّن تضميناً، كعلّم يعلِّم تعليماً، ويريدون به: إيداع شيء شيئاً، يقال: ضمّنت الميّت القبر، أودعته إياه، وكلُّ شيء أُحرز فيه شيء فقد ضُمِّنَهُ، وبمعنى غَرِمَ يقال: ضمَّنته الشيء فَضَمِنَهُ، غرَّمته إياه، وضَمِنَه عنّي، التزم الغرم ومنه الغريم، لأنه ضامن، فعيل بمعنى فاعل.

والتضمين عند البلاغيين هو: "استعارة الشاعر كلاماً من غيره، وإدخاله في شعره" ومثاله قول الشاعر:

لئنْ أَخْطَأْتُ في مَدْحيـ

ـكَ ما أَخْطَأْتَ في مَنْعي

لَقَدْ أَنْزَلْتُ حاجاتي

بِوادٍ غَيْرِ ذي زَرْعِ

فضمَّن بيته قوله تعالى: {بِوادٍ غَيْرِذي زَرْعِ} من الآية ٣٧ من سورة إبراهيم.

وعند العروضيين هو:"تعلُّق قافية البيت الأول بالبيت الثاني) وهم يعدونه من عيوب الشعر.

قال الشاعر:

يا ذا الَّذي في الحُبِّ يَلْحى أَما

تَخْشى عِقابَ اللهِ فينا أَما

تَعْلَمُ أنَّ الحُبَّ داءٌ أَما

وَاللهِ لَوْ حُمِّلتَ مِنْهُ كما

حُمِّلْتُ مِنْ حُبِّ رَخيمٍ لَما

لُمْتَ عَلى الحُبِّ فَذَرْني وَما

أَطْلُبُ إنِّي لَسْتُ أَدْري بِما

قُتِلتُ إلاَّ أّنَّني بَيْنما

أَنا بِبابِ القَصْرِ في بَعْضِ ما

أَطْلُبُ مِنْ قَصْرِهِمْ إذْ رَمى

شِبْهُ غَزالٍ بِسِهامٍ فَما

أَخْطَأَ سَهْماهُ وَلَكِنَّما

عَيْناهُ سَهْمانِ لَهُ كُلَّما

أَرادَ قَتْلِي بِهِما سَلَّما

فكل بيت من هذه الأبيات تعلقت قافيته بالبيت اللاحق له.