كما كتب الأستاذ الأديب سعود السديري أمير منطقة الباحة سابقًا، في مقال نشره عام (١٣٨٩هـ) بعنوان (ما أعجبني في منطقة السروات) كتب يقول عن أهلها: "ثم هم فوق ذلك يتمسّكون بالكثير من ألفاظ العربية الفصحى في محادثتهم العامة، وهي ظاهرة تبعث في النفس الاعتزاز، وتؤكد أن ما اعترى لغتنا في بعض المناطق إن هو إلا بسبب الاختلاط بغير العرب، والتأثر بما جلبوه من بضاعة لم تكن منطقة السروات من أسواقها في يوم من الأيام، ولهذا احتفظ أهالي منطقة السروات بالكثير من ألفاظ لغتهم الفصحى، وكم يسر المرء حينما يرى طفلاً صغيرًا يشير إلى المؤنث القريب بقوله:(تي) أو طلب حاجة من الآخر فيقول: (هب لي هذا) أو يستمع إلى المتكلم العادي عن شجرة العنب فيقول: (حَبَلَة) أو المكان المنخفض فيقول: (الوَهْدَة) أو المكان المرتفع فيقول: (الرَّهْوَة أو الشَّعَف) أو الطريق فيقول: (السُّبْل) أو كبير القرية وهو الذي دون شيخ القبيلة فيقول: (العَرِيف) أو الجبل الغليظ المنقاد في الأرض الذي يصعب صعوده فيقول: (العِرْق) أو عن دعوته إلى الآخر ليقترب فيقول: (هَلُّم) إلى غير ذلك من الألفاظ العربية المحضة التي تأتي دونما تكلف أو تقعّر".
وهكذا.. حتى جاءت الأزمنة الأخيرة، حيث انتشرت وسائل الحضارة الحديثة، وكثر الاختلاط بين سكان الجزيرة شرقها وغربها، وقويت صلتهم بالعالم خارج جزيرتهم، وتمكن الأجانب من الوصول إلى هذه البلاد، وتعلم أهلها في مدارس خارجها، واختلطوا بغيرهم، فتغيرت لغتهم، إلا أنه تغيّر لا يبعد كثيرًا عن العربية الفصحى، ولعلها ما تزال أقرب اللغات إلى الفصحى في سائر الجزيرة العربية.