للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفُعَّال من صيغ المبالغة التي تواتر عزوها إلى أزد شنوءة، وبها قرئ قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (١) قال العكبريّ: "وهي لغة جيدة للمبالغة".

والأزد ينسبون إلى سَلِيمة (سَلِيمي) ، وغيرهم يقول: سَلَمي، وهو القياس.

والقلب المكاني هو حلول أحد الصوتين المتجاورين محل الآخر، ومن أمثلته في لغات الأزد قولهم: (الصّلت) في اللصت. ذكره أبو عمرو الشيباني، والصّغاني.

وأما ما جاء عنهم في الأفعال فقد قرئ قوله تعالى: {إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً} (٢) بكسر الدال، على لغة أزد السراة، يقولون: دِمت تَدام، مثل خِفْت تخاف. وهو القياس. وتميم تقول: دِمت بكسر الدال تَدُوم، وهو شاذ.

وحضَرت الصلاة بالفتح، وحضِرت بالكسر، لغتان، والأخيرة لغة أهل المدينة، عزاها إليهم الخليل وقال: وكلهم يقولون في المضارع: تحضُر، بضم عين الفعل، أي على القياس.

ومن الظواهر التي جاء لها شواهد في أشعار الأزد وكلامهم حذف بعض أصوات الكلمة، فراراً من كراهة توالي الأمثال، أو إيثاراً للسهولة والسرعة في النطق، فالأول مثل قول الشنفرى الأزدي:

وظَلْتُ لفتيانٍ معي أتّقيهم

بهنّ قليلاً ساعةً ثم خيّبوا

ومثله قول حاجز بن عوف الأزدي:

سألتُ فلم تكلّمني الرُّسُومُ

فظَلْتُ كأنّني فيها سَقِيمُ

ومثله أيضاً قول يعلى الأزدي:

فظَلْتُ لدى البيتِ الحرام أشيمُهُ

ومِطْواي من شوقٍ لَهْ أرِقَانِ

حذفوا إحدى اللامين عند إسناد الفعل إلى تاء الفاعل، والأصل (ظَلَلْتُ) ، وقد نزل القرآن الكريم بهذه اللغة، مثل قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً} (٣) وقوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (٤) .


(١) سورة ص٥. وينظر: تفسير القرطبي١٥/ ٩٩،والبحر المحيط٩/١٣٨،والدر المصون٩/٣٥٨ وفتح القدير ٤/٤٢٠.
(٢) سورة آل عمران ٧٥.
(٣) سورة طه ٩٧.
(٤) سورة الواقعة ٦٥.