ومن الثاني ماروي عن الشنفرى بعد أن أُسر، وقال له رجل من بني سلامان من الأزد:"أأطرفُكَ؟ ثم رماه فقتله. فقال الشّنفرى: كاك كنا نفعل بكم. يريد كذاك كنا نفعل بكم".
ومثل ذلك قوله في لامية العرب:
فإن يكُ من جِنٍّ لأبرَحُ طارقًا
وإن يكُ إنسًا ما كها الأنس تفعلُ
قال مؤرج السدوسي:"أراد ما كهذا تفعل الإنس".
وهذه الظاهرة تذكرنا بقُطْعة طيئ المشهورة، وهي عبارة عن قطع اللفظ قبل تمامه، كقولهم: يا أبا الحكا، وهم يريدون يا أبا الحكم.
٣- المستوى النحوي:
المشهور في العربية الفصحى إفراد الفعل مع الفاعل سواء كان مفردًا أو مثنى أو جمعًا، فيقال: قام زيد، وقام الزيدان، وقام الزيدون، إلا في لغة أزد شنوءة فإنهم يطابقون بين الفعل وفاعله، فيلحقون علامة تثنية للفاعل المثنى، وعلامة جمع للفاعل المجموع، ورويت كذلك عن طيئ وبني الحارث بن كعب، وكلهم قحطانيون من اليمن. والنحويون يسمونها:"أكلوني البراغيث" وسماها ابن مالك لغة "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار"(١) .
قال السُّهيليّ:"ألفيت في كتب الحديث المروية الصحاح، ما يدل على كثرة هذه اللغة وجودتها". وقال الشهاب الخفاجيّ:"وقد وقع منها في الآيات والأحاديث، وكلام الفصحاء ما لا يحصى".
(١) حديث شريف، أخرجه من رواية أبي هريرة الدوسي البخاري (٥٣٠ - ١/٢٠٣) ، (٦٩٩٢ - ٦/٢٧٠٢) ، (٧٠٤٨ - ٦/٢٧٢١) ومسلم (٦٣٢ - ١/٤٣) ، وأحمد في المسند (٨١٠٥ - ٢/٣١٢) ، ومالك في الموطأ (٤١١ - ١/١٧٠) .