للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذلك فإن المنهاج الدراسي الجيد هو الذي يعتني بكل الجوانب التربوية، ويوجهها بحسب قدراتها وإمكاناتها، لأن أغلب الناس إذا أخفق في جوانب نبغ وأبدع في جانب أو جوانب أخرى إن وجد التوجيه والرعاية التربوية الصحيحة.

حدود الإبداع

إن الإبداع هو الاختراع والابتكار، كما تم بيانه سابقاً، ولكن للإبداع شروطاً وحدوداً في التربية الإسلامية، بأن لا يتعارض مع المنهج الإسلامي، لا في كلياته ولا في جزئياته.

وثمة أمر مهمّ لا يجوز الابتداع فيه بأي حال من الأحوال، وبأي دعوة أو ادعاء، وهو الابتداع في الدين، لأن الله تعالى أكمل هذا الدين بنص كلام رب العالمين في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} (١) .

وقال صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ماليس فيه فهو رد" (٢) .وقال صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة" (٣) .

فالإحداث في الدين بزيادة أو تعديل أو نقصان ابتداعاً مخالفاً للكتاب والسنة، وإجماع الأمة، كما أن تقديم الرأي على الشرع إفساد وهلكة، قال ابن قيم الجوزية: "وكل من له مسكة من عقل يعلم أن فساد العالم إنما ينشأ من تقديم الرأي على الوحي، والهوى على العقل، وما استحكم هذان الأصلان الفاسدان في قلب إلا استحكم هلاكه".

فهكذا تحدد التربية الإسلامية الإطار الإبداعي، بحيث تجعله يسير في مسار صحيح، بعيداً عن التخبط في متاهات طرق أهل الضلال والبدع.

وأما الإبداع في المجالات الأخرى فهو أمر مطلوب، بل متحتم على المؤسسات التربوية أن توليه جُلَّ اهتمامها، من جانبين:

١- الجانب النوعي:


(١) سورة المائدة: آية رقم ٣.
(٢) أبو داود ٥/١٢.
(٣) مسلم ٢/٥٩٢.