للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣- أنه وسيلة الإدراك والتعلم والتفكير، حيث إن "القلب للعلم كالإناء للماء، والوعاء للعسل، والوادي للسيل" وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف، وينكر به المنكر". فمن ضعف نقده ووهن تمييزه، وقل تفكيره، استسهل السهل لسهولته وإن كان فيه هلكته، واستثقل الثقيل لثقله على نفسه وإن كان فيه فوزه ونجاته في حياته ومعاده.

٤- أن سلوك الإنسان وتصرفاته نتيجة أفكاره، وتصوراته، وإدراكه، لأن أصل الخير والشر من قبل التفكير، فإن التفكير مبدأ الإرادة والطلب في الزهد، والترك والحب والبغض، وأنفع الفكر، الفكر في مصالح المعاد، وفي طرق اجتلابها، وفي دفع مفاسد المعاد، وفي طرق اجتنابها.

وخير وسيلة لتصحيح الفكر والتصورات التزود بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتدبرهما.

٥- أن العقل أحد أسس الإبداع، فمن ضعف عقله ووهن تفكيره، قل إدراكه وضاقت تصوراته، فقل إبداعه، ومن نمّا فكره وقوي إدراكه، اتسعت تصوراته فكثر إبداعه، وزاد ونما.

٦- أن العقل يُفرق به بين الإنسان والحيوان، حيث إن الحيوان لا يعقل ولا يدرك، وقد شبه الله تعالى من لا يفقه ويتبصر، ويستخدم حواسه وعقله في إدراك الحق كالأنعام، بل أضل من ذلك، لأن الأنعام معذورة لعدم توفر العقل الذي هو وسيلة الإدراك، ولم تكلف، قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (١) .

النظرة البشرية للعقل:


(١) سورة الأعراف: آية رقم ١٧٩.