للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد تشعب الناس إلى طوائف من حيث نظرتهم لمكانة العقل وأهميته، وبناء على ذلك جاءت تصرفاتهم واهتماماتهم بحسب نوعية وجودة الغذاء المعرفي، وترتب على ذلك أن ظهرت تربيات متنوعة بحسب تباين المفاهيم، ويمكن بيان تلك الأقسام على النحو التالي:

١ - نوع من الناس ألّه العقل التابع لهواه، وجعله هو المرجع الرئيس والحاكم على الأشياء، والقائد والمشرع، والموجه والمنظم لحياة الإنسان، وعطله عن معرفة الحق وإدراكه، فهؤلاء يعيشون لشهواتهم، وهؤلاء هم أهل الكفر بجميع أصنافه، قال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} (١) . وقال تعالى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ} (٢) .

قال ابن كثير: يذكر تعالى أنه أخذ العهود والمواثيق على بني إسرائيل على السمع والطاعة لله ولرسله، فنقضوا تلك العهود والمواثيق واتبعوا آراءهم وأهواءهم، وقدموه على الشرائع، فما وافقهم منها قبلوه، وما خالفهم ردوه.

وهذا النوع من الناس هم الذين الَّهوا العقل، وجعلوه حاكماً على قضاياهم وأعمالهم ونتاجهم.

وهذا النوع من الناس ورثوا هذا المنهج الضال عن إبليس لعنه الله، فهو أول من عارض أوامر الله تعالى بالعقل وقدمه عليه، فإن الله تعالى عندما أمره بالسجود لآدم، عارض أمر ربه بقياس عقلي مركب من مقدمتين.


(١) سورة المائدة: آية رقم ٧٠.
(٢) سورة المائدة: آية رقم (٧٠) .