وهكذا عاشت المرأة المسلمة في ظل الحجاب الإسلامي الكامل عزيزة الجانب محفوظة الحقوق في مجتمع تمسك بالإسلام، وسار على نهجه وهديه، وما كانت إحداهن لتشعر بثقل هذا الحجاب وتفكر بالتخلص منه أو بتطويره على الأقل كما هو شأن كثير من النساء اليوم ... وما كان ليخطر في بال أحد أن هذا الحجاب كان يوماً ما سبباً في ذلة، أو إضاعة حق، أو إضعاف عقل كما يتوهم الواهمون ...
ولكن أتى على الناس حين من الدهر، بعدوا فيه عن الإسلام الصحيح وساءت فيه مفاهيمهم، فتغيرت نظرتهم إلى الإسلام عامة وإلى بعض أحكامه وهديه خاصة، تبعاً للضغط الجاهلي على النفوس، وتسرب الأفكار المعادية إلى العقول ... فنظروا إلى الحجاب الكامل نظرتهم لعبء ثقيل، وحاجب كثيف يحجب المرأة عن حقها، ويضيع لها كرامتها، ولا ينسجم مع الأوضاع الحاضرة، والمجالات العامة التي فتحها الجاهلية الحديثة لأبنائها وبناتها على السواء ... فوقفوا منه مواقف مختلفة بين مزدرٍ له متهجم عليه، وبين مستثقل يحاول تطويره والتخلص منه ... وبين مُبْعدٍ عنه صفة الشرعية، ومعتبر الحجاب الكامل - في زعمه – من بقايا العقليات المتخلفة، ومظاهر المفاهيم الخاطئة ...
يُقضى على المرءِ في أيام محنته
حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
وسأتعرض لنماذج من مواقف بعض الكتاب المسلمين الذين تأثروا بتلك الدعوات المغرضة والحملات المعادية؛ فسايروا في مقالاتهم تلك المواقف الشاذة المختلفة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ليكون القراء الكرام على بصيرة من أمرهم، وينتبهوا إلى الأفكار الدخيلة عليهم، ويحذروا الانسياق وراء الادعاءات والوشايات ...
فهذا هو الأستاذ "بهي الخولي"صاحب كتاب "الإسلام والمرأة المعاصرة"يتحدث في الطبعة الثالثة عن الحجاب فيقول في ص ١٥٩: