وفي كتابه - صلى الله عليه وسلم - لتميم الداري:"هذا ما أنطى محمد رسول الله لتميم الداري وإخوته ..."(١) قال الزَّبيدي: "ويسمون هذا الإنطاء الشريف، وهو محفوظ عند أولاده". وقال ابن الأعرابي:"شرّف النبي صلى الله عليه وسلم هذه اللغة وهي حميرية".
ومن شواهدها في الشعر قول أعشى قيس:
جيادك في القيظ في نعمة
تُصان الجِلال وتنطى الشَّعيرا
وأنشد ثعلب:
من المنطيات المركب المعج بعدما
يُرى في فروع المقلتين نُضوب
قال الخليل:"الإنطاء لغة في الإعطاء" وقال الجوهري: "الإنطاء: الإعطاء بلغة اليمن".وعزاها ابن الأعرابي - في قوله المتقدم - وابن الجوزي إلى حمير. وقال التبريزي:"هي لغة العرب العاربة من أولي" وعزاها السيوطي والزَّبيدي إلى سعد بكر، وهذيل، والأزد، وقيس، والأنصار، وهم بطن من الأزد.
ويرى الدكتور الجندي أن قيس المذكورة ليس المراد بها قيس عيلان، وإنما هي بطن من همدان، بدليل قول الأعشى السابق، وهو من قيس القحطانية.
كما يرى أن هذيل المذكورة ليست تلك القبيلة المعروفة من مضر، وإنما هي هذيل اليمنية. قال: فتكون هذه اللغة قد خلصت لليمن بدليل وجود الأنصار والأزد في نص السيوطي، وجميعهم من اليمن. غير أن هذا لا يمنع من انتقالها إلى قبائل أخرى غير يمنية، فاللغات لا تعرف الثبات بل تنتقل بين القبائل بالمجاورة والاختلاط، ومن المعروف جغرافيًا أن بعض بطون هذيل وقيس كانت تجاور الأزد في السراة، ومن هنا يأتي التأثير، فانعكست بعض الظواهر الأزدية على قبيلة هذيل وقيس ومنهم بنو سعد بن بكر.
كما أن "التوزيع الجغرافي لمواطن النطق بالصيغة (أنطى) قديمًا وحديثًا، يبين أنها كانت توجد على طرق القوافل، من الجنوب إلى الشمال، ومن ثم فإن احتمال انتقال هذه الصيغة من الجنوب، أي: من بلاد اليمن، على طول رحلتي الشتاء والصيف، احتمال مقبول".