للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدد المتقدمون مخرج هذين الصوتين بأنه من طرف اللسان فويق الثنايا السفلى يشاركهما في ذلك الصاد، كما أنهما صوتان يتحدان في صفة الرخاوة والانفتاح والانسفال والصفير، ولا فرق بينهما إلا في أن الزاي صوت مجهور، والسين صوت مهموس، لذلك سهل التبادل بينهما.

والشواهد على هذا الإبدال كثيرة في اللغة، جاء بعضها معزوًا إلى الأزد، وأخرى إلى ربيعة وكلب وغيرهم.

قال الخليل: "الزَّقف: لغة الأزد في السقف، يقولون: ازدقف، أي: استقف".

والأزد بالزاي لغة لهم في اسم جدهم (الأسد) .

وقال الخليل أيضًا: "لصق يلصق لصوقًا، لغة تميم، ولسق أحسن لقيس، ولزق لربيعة، وهي أقبحها". وذهب ابن جني والزمخشري، وابن الحاجب إلى أن كلبًا تقلب السين زايًا مع القاف خاصة، فيقولون في (سقر) : (زقر) .

وقال الفراء: الزراط، بإخلاص الزاي لغة لعذرة وكلب وبني القين. وهؤلاء من قضاعة، وهي من القبائل اليمنية القحطانية المهاجرة.

وأما العلة الصوتية لهذا الإبدال، فلأن السين - كما تقدم - حرف مهموس، والقاف والدال والطاء أحرف مجهورة، فأبدلوا السين زايًا، لأن الزاي من مخرج السين ومثلها في الصفير، وتوافق القاف والدال في الجهر وعدم الإطباق، وبهذا يحدث بين الزاي وتلك الأصوات تقارب وتجانس وهذا ما عبر عنه سيبويه بقوله: "وإنما دعاهم إلى أن يقربوها ويبدلوها أن يكون عملهم من وجه واحد، وليستعملوا ألسنتهم في ضرب واحد".

٤- إبدال الصاد تاء:

تبدل الصاد تاء في كلمة واحدة هي اللصّ، فيقال: (اللصت) قال اللحيانيّ: "هي لغة طيء وبعض الأنصار" وعزا أبو عمرو الشيباني مقلوب اللصت إلى الأزد، فقال: "الصّلت: اللص بلغة الأسْد".

وتعزو معظم المصادر القديمة إلى طيئ أيضًا إبدال السين تاء، فيقولون في الطسّ: (الطّست) وهي اللغة التي تُلقبها بعض المصادر بالوتم.