وطيئ والأزد، ومنهم الأنصار، جميعهم من اليمن، ولهذا عزا الفراء إبدال الصاد والسين تاء إلى بعض أهل اليمن وعزاه أبو علي إلى اليمن عامة.
ويرى ابن قتيبة أن علة هذا الإبدال هو ثقل اجتماع المثلين في آخر الكلمة، فأبدل من أحدهما تاء.
وفي (المحرر الوجيز) عن أبي علي قال: "إذا اجتمعت المتقاربة، خففت بالحذف والإدغام والإبدال، كما قالوا: طست، فأبدلوا من السين الواحدة تاء، إذ الأصل طسّ".
وفسر بعض المعاصرين هذا التبادل من الناحية الصوتية بتقارب الحرفين في المخرج، واتفاقهما في الهمس، وتناظرهما في الرخاوة والشدة، أي: أن التاء صوت شديد مهموس، والصاد صوت رخو مهموس، وقد آثرت طيئ والأزد ومن على شاكلتهما من القبائل البدوية نطق التاء، وهو صوت شديد، لأن من سمات القبائل المتبدية الجنوح إلى السهولة والاقتصاد في الجهد، والأيسر عندها أن تنتقل الأصوات من الرخاوة إلى الشدة.
ويرى برجشتراسر أن التاء هي الأصل في الحقيقة، وأن الصاد الثانية مبدلة منها، لأن الكلمة معربة - كما يرى - من اليونانية، بواسطة الآرامية، أي: السريانية، وهي في اليونانية (Lestes) وفي السريانية (Lesta) .
قال: ويتضح من ذلك أن (لصت) هي الأصل، وأن (لصّ) أبدلت منها لشبه التاء بالصاد، ثم أدغمت فيها.
فإن صح هذا الرأي، فإنه يدل على أن القبائل التي نطقتها بالتاء قد عربتها على أصلها في اللغة الأعجمية، وعربها آخرون إلى (اللصّ) ، بإبدال التاء صادًا، ويكون الإبدال فيها على العكس مما ذكره المتقدمون، ولا علاقة له ببداوة أو حضارة، كما علله بعض المعاصرين.