قوله تعالى:{إِنَّهُ أَوَّابٌ} تعليل لكونه ذا اليد، ودليل على أن المراد به القوة في الدين. وقوله:{إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ} استئناف مسوق لتعليل قوته في الدين، ويجوز أن يكون استئنافاً لبيان القصة أو التمهيد لها. وقوله:{مَعَهُ} متعلق بسخرنا وجوز أن يتعلق بقوله يسبحن. وإنما قال:(معه) ولم يقل: (له) كما قال: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ} ؛ لأن تسخير الجبال له - عليه السلام- لم يكن بطريق تفويض التصرف الكلي فيها إليه كتسخير الريح لسليمان بل بطريق الإقتداء به والمشاركة في العبادة معه. وقوله {يُسَبِّحْنَ} في موضع نصب على الحال من الجبال، وقد وضع موضع مسبحات لإفادة الاستمرار التجددي وأنها يحصل منها التسبيح حالاً بعد حال. وقيل إن جملة يسبحن مستأنفة لبيان التسخير كأن سائلاً سأل: كيف كان تسخيرها؟ فقيل يسبحن. وقوله {وَالطَّيْرَ} على قراءة النصب معطوفة على الجبال و {مَحْشُورَةً} حال من الطير والعامل سخرنا وإنما لم يؤت بالحال فعلاً مضارعاً كالحال السابقة أعني (يسبحن) ؛ لأنه لم يُرد أنها تحشر شيئاً فشيئاً إذ حاشرها هو الله تعالى فحشرها جملة أدل على القدرة. وأما على قراءة الرفع فيهما فالطير مبتدأ ومحشوره خبره. وقوله:{كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} استئناف مقرر لمضمون ما قبله. وإنما وضع الأواب موضع المسبح لأن الأواب هو التواب وهو الكثير في الرجوع إلى الله، ومن دأبه إدامة التسبيح والضمير في قوله:{لَهُ} قيل لله تعالى ومعناه: وكل من داود والجبال والطير لله تعالى كثير الرجوع مديم التسبيح. وقيل الضمير لداود؛ أي: كل واحد من الجبال والطير لأجل تسبيح داود أواب والأول أظهر. وقوله:{وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} مفيد أن الله تعالى جمع لداود عليه السلام بين كمال الفهم وكمال النطق.