ومما يؤكد أنه للدارقطني أيضاً كون البرقاني - المرتب له - قد قرأه عليه، فأقره، والحجة في ذلك ما ثبت بإسناد صحيح، حيث قال الخطيب البغدادي:"سألت البرقاني، قلت له: هل كان أبو الحسن الدارقطني يملي عليك العلل من حفظه؟ فقال: نعم، ثم شرح لي قصة جمع العلل، فقال: كان أبو منصور بن الكرجي يريد أن يصنف مسنداً معللاً، فكان يدفع أصوله إلى الدارقطني فيعلم له على الأحاديث المعللة، ثم يدفعها أبو منصور إلى الوراقين فينقلون كل حديث منها في رقعة، فإذا أردت تعليق الدارقطني على الأحاديث نظر فيها أبو الحسن ثم أملى عليَّ الكلام من حفظه، فيقول: حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود الحديث الفلاني، اتفق فلان وفلان على روايته، وخالفهما فلان، ويذكر جميع ما في ذلك الحديث، فأكتب كلامه في رقعة مفردة، وكنت أقول له: لم تنظر قبل إملائك الكلام في الأحاديث؟ فقال: أتذكر ما في حفظي بنظري، ثم مات أبو منصور، والعلل في الرقاع، فقلت لأبي الحسن بعد سنين من موته - يعني موت أبي منصور - إني قد عزمت أن أنقل الرقاع إلى الأجزاء وأرتبها على المسند، فأذن لي في ذلك وقرأتها عليه من كتابي ونقلها الناس من نسختي".
وعند ترجمة أبي منصور: إبراهيم بن الحسين الصيرفي المعروف بابن الكرجي، قال الخطيب أيضاً:"أراد أن يصنف مسنداً معللاً، فكان أبو الحسن الدارقطني يحضر عنده في كل أسبوع يوماً، ويصلح الأحاديث في أصوله، وينقلها شيخنا أبو بكر البرقاني، وكان إذ ذاك يورق له ويملي عليه أبو الحسن عِلل الأحاديث، حتى خَرَّج من ذلك شيئاً كثيراً، وتوفي أبو منصور قبل استتمامه، فنقل البرقاني كلام الدارقطني ورتّبه على المسند، وقرأه على أبي الحسن وسمعه الناس بقراءته، فهو كتاب العلل الذي دوّنه الناس عن الدارقطني".