ثم قال المعتصم: طمعت فيك أن تجيبني ثم قال: خذوه واخلعوه واسحبوه. قال أحمد: فأخذت وسحبت وخلعت وجيء بالعاقبين والسياط وأنا أنظر وكان معي شعرات من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مصرورة في ثوبي فجردوني منه وصرت بين العقابين فقلت يا أمير المؤمنين الله الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرءٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلاّ بإحدى ثلاث". وتلوت الحديث وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم" فبمَ تستحل دمي ولم آت شيئاً من هذا؟. يا أمير المؤمنين أذكر وقوفك بين يدي الله كوقوفي بين يديك. ولم تؤثر هذه النصوص الصحيحة الثابتة في المعتصم بل زادته طغياناً وعلواً وفساداً. قال الإمام أحمد: فأمر بي فقمت بين العقابين وجيء بكرسي فأقمت عليه وأمرني بعضهم أن آخذ بيدي بأي الخشبتين فلم أفهم فتخلعت يداي وجيء بالضرابين ومعهم السياط فجعل أحدهم يضربني سوطين، ويقول له المعتصم: شد قطع الله يديك ويجيء الآخر فيضربني سوطين ثم الآخر كذلك فضربوني أسواطاً فأغمي عليّ، وذهب عقلي مراراً فإذا سكن الضرب يعود عليّ عقلي، وقام المعتصم إليّ يدعوني إلى قولهم فلم أجبه، وجعلوا يقولون: ويحك الخليفة على رأسك فلم أقبل، وأعادوا الضرب ثم عاد إليّ فلم أجبه فأعادوا الضرب ثم جاء إليّ الثالثة فدعاني فلم أعقل ما قال من شدة الضرب، ثم أعادوا الضرب فذهب عقلي فلم أحس بالضرب، وأرعبه ذلك من أمري، وأمر بي فأطلقت ولم أشعر إلاّ وأنا في حجرة من بيت، وقد أطلقت الأقياد من رجلي وكان ذلك في اليوم الخامس والعشرين من رمضان من سنة إحدى وعشرين ومائتين.