للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام ابن كثير: "ثم أمر الخليفة بإطلاقه إلى أهله وكان جملة ما ضرب نيفا وثلاثين سوطاً وقيل ثمانين سوطاً ولكن كان ضرباً مبرحاً شديداً جداً، وقد كان الإمام أحمد رجلاً طوالا رقيقاً أسمر اللون كثيراً التواضع رحمه الله تعالى ".

قلت: لولا الله عز وجل ثم الإمام أحمد ووقوفه أمام تلك القوة الباغية الطاغية بذلك الإيمان الراسخ وتضحيته وفداؤه لما كان لنا هذا القرآن وهذه السنة ولاندثرت معالم الحق وينابيع الخير وطمست عقيدة السلف، ولما كان للإمام ابن تيميه عليه الرحمة ذلك الجهاد القوي المتين الذي يضرب به المثل أمام الخلائق، ولما كان لمجدد القرن الثاني عشر شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ذلك النصيب الأوفر من الدعوة المحمدية التي أقام بها الدولة المحمدية في شبه الجزيرة العربية ولا تزال قائمة حتى الآن، فالفضل لله عز وجل كله ثم للإمام أحمد رحمه الله تعالى.

قال الحافظ ابن حجر في (التهذيب: ١: ٧٥) نقلاً عن ابن حبان في كتابه (الثقات) مشيراً إلى الإمام: أحمد كان حافظاً متقناً فقيهاً ملازماً للورع الخفي مواظباً على العبادة الدائمة أغاث الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وذاك أنه ثبت في المحنة وبذل نفسه لله حتى ضرب بالسياط للقتل فعصمه الله تعالى عن الكفر وجعله علماً يقتدى به، وملجأ يلجأ إليه. وقال أبو الحسن ابن الزاغوني: كشف قبر أحمد حين دفن الشريف أبو جعفر بن أبي موسى إلى جانبه فوجد كفنه صحيحاً لم يَبْلَ وجنبه لم يتغير وذلك بعد موته بمائتين وثلاثين سنة) انتهى.

قلت: ليس هذا بغريب في الإسلام فقد وردت في الجامع الصحيح للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى قصة مماثلة وقعت لصحابي جليل استشهد في غزوة أحد ثم أخرجه ابنه بعد ستة أشهر فوجده كما كان رضي الله عنه [١] .