قلت: ترجم للإمام أحمد السيد صديق حسن خان القنوجي البخاري المتوفي سنة ١٢٤٨هـ. العالم السلفي الجليل صاحب تفسير فتح البيان في التاج المكلل ص ٢٤ – ٢٨ فأجاد وأفاد مع الاختصار، وكانت وفاته رضي الله تعالى عنه في مائتين وإحدى وأربعين. وسوف أتعرض لترجمته -إن شاء الله تعالى- في بحث مستقل بالتفصيل. وأما الآن فأضع أمامكم مخطوطاً مصوراً عظيماً يوجد في مكتبة الحرم المكي في علل الحديث ومعرفة الرجال، فهو كتاب لصاحب هذه الترجمة العاطرة، الذي يعتبر أول كتاب في الإسلام في علل الحديث فيما أظن، ومن العجيب أنه لم يرد له ذكر في الفهارس الموجودة لدينا ككشف الظنون وذيوله وفي الرسالة المستطرفة للكتاني. وكذا في كتب أصول الحديث التي توجد الآن في مكتبتنا الإسلامية على ما أظن والله أعلم. وهذا أمر يستغرب منه أشد الاستغراب وكيف لا؟ وقد ذكرت كتب علل الحديث للمؤلفين الذين لا وزن لهم بالنسبة لهذا الرجل العظيم الذي أنقذ الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورفع به شأن السنة المحمدية وكل ما كتب في حق الإمام أحمد رحمه الله فهو قليل جداً من كثير فكتابة الذي أنا بصدده فهو (علل الحديث ومعرفة الرجال) الذي طبع منه الجزء الأول في أنقرة بتركيا نشره الدكتوران المسلمان طلعت وإسماعيل جراح أوغلي عام (١٩٦٣) م نشراه عن النسخة الفريدة الموجودة بمكتبة آياصوفيا تحت رقم (٣٣٨٠) عورضت على أبي علي بن الصواف (٣٥٩ – ٩٧٠) في سنة ٣٤٣ وقوبلت بنسخة عبد الله بن الإمام أحمد بن محمد ابن حنبل مع تعليقات وحواش. وكان هذا المجهود العلمي الكبير من كلية الإلهيات بجامعة أنقرة.
قلت: إن كتاب الجرح والتعديل للإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي فرع لهذا الكتاب، إن قارنت بين عبارتيهما يظهر لك كل شيء مما يدل على أن كتاب علل الحديث للإمام أحمد أصل أصيل في علل الحديث والله أعلم.