ثانياً: إذا يسر الله للمسلم التوجه إلى بيت ربه ووصل إلى الميقات الذي وقته -رسول الله صلى الله عليه وسلم- للإحرام تجرد من ثيابه ولبس أزاراً على نصفه الأسفل ورداء على نصفه الأعلى مما دون رأسه وفي هذه الهيئة من اللباس يستوي الحجاج لا فرق بين الغني والفقير والرئيس والمرؤوس وتساويهم في ذلك يذكر بتساويهم في لباس الأكفان بعد الموت. فإن الكل يجردون من ملابسهم ويلفون بلفائف لا فرق فيها بين الغني والفقير. فإذا تجرد الحاج من لباسه ولبس الإحرام تذكر الموت الذي به تنتهي الحياة الدنيوية وتبتدئ الحياة الأخروية فاستعد لما بعده بالأعمال الصالحة والابتعاد عن المعاصي وهذا الاستعداد هو الزاد الذي لا بد منه في سفره إلى الآخرة وهو الزاد الذي نوه الله بذكره في قوله:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ؛ ولهذا لما سأل رجل النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلاً متى الساعة؟ قال صلى الله عليه وسلم له:"وماذا أعددت لها؟ ... " منبهاً بذلك -صلوات الله وسلامه عليه- إلى أن أهم شيء للمسلم أن يكون معيناً بما بعد الموت مستعداً له في جميع أحواله بفعل المأمورات واجتناب المنهيات..