للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما في عهد بني أمية فقد كانت توسعة الوليد بن عبد الملك عام ٨٨هـ هي التوسعة الأكبر منذ بنى الرسول صلى الله عليه وسلم مسجده، وقد أخذت اهتمام الخليفة الأموي، وعامله عمر بن عبد العزيز على المدينة حيث حرص على أن تتوفر لها الإمكانات وأحدث ما وصلت إليه تقنية العمارة في ذلك العصر (١) . فقد عمل الأساس من الحجارة والجدار من الحجارة المنحوتة المطابقة، واستعمل النورة، والجص مونة في البناء وعملت الأعمدة من قطع الحجارة المنحوتة، وربطت مع بعضها بالحديد المغطى بالرصاص المصهور، وحمّل أعلاها جسوراً خشبية ترتكز مباشرة على تيجان الأعمدة، وتحمل الجسور سقفاً خشبياً من الساج، وكان للأعمدة قواعد مربعة وتيجان مذهّبه، وكسي بدن الأعمدة بطبقة، تصقل وتلمع حتى تظهر وكأنها رخام أبيض (٢) .

وأهم ما يميز هذه التوسعة إدخال عناصر معمارية جديدة كالشرفات والمآذن والمحراب المجوّف في جدار القبلة كما أنها كانت أول توسعة تشمل إلحاق حجرات أمهات المؤمنين ضمن المسجد، وتقدر زيادة الوليد بن عبد الملك بنحو ٢٣٦٩م (٣) .

وفي عهد بني العباس قام الخليفة المهدي بن المنصور بتوسعة أخرى للمسجد النبوي، وقد بدأ العمل فيها عام ١٦٢هـ، واستمرت حتى عام ١٦٥هـ ويذكر السمهودي أن فكرة التوسعة بدأت من أبيه الخليفة المنصور ولكنه توفي قبل أن يحقق ذلك (٤) ، ويلاحظ في هذه التوسعة زيادة في عدد الأعمدة، والأروقة، والأبواب (٥) وتقدر زيادة المهدي بنحو (٢٤٥٠م٢) وأصبحت مساحة المسجد النبوي بعدها (٨٨٩٠) (٦) .


(١) قصة التوسعة الكبرى: ٢٠٩.
(٢) انظر: ابن رسته، الأعلاق النفسية: ٧/٧٣.
(٣) انظر: الطبري، تاريخ: ٥/٢٢٢.
(٤) السمهودي، وفاء الوفاء: ٢/٥٣٥.
(٥) ابن رسته، الأعلاق: ٧/٧٧، والهروي الإشارات إلى معرفة الزيارات: ٩١.
(٦) قصة التوسعة الكبرى: ٢١٠.