منذ اللحظة الأولى التي بُني فيها هذا المسجد العظيم وهو يعتبر مصدر إشعاع ونور وهدى ورحمة للمؤمنين، كيف لا؟ وهو المسجد الذي أسس على التقوى، وكيف لا وهو الجامعة الإسلامية الأولى التي كان يديرها ويعلّم فيها المربي الأول ومعلّم البشرية الخير أفضل الخلق وسيد بني آدم، سيدنا ونبينا محمد - صلى لله عليه وسلم.
وكان من الأساتذة الزائرين الذين علّموا في هذا الصرح العلمي العظيم خير الملائكة وأفضلهم وروح القدس جبريل عليه السلام، وأما الطلاب الذين تعلّموا فيه، ثم أصبحوا فيما بعد أساتذة ومعلمين ودعاة ومشاعل نور للعالمين، فهم أصحاب رسول - الله صلى الله عليه وسلم - الذين تخرّج على أيديهم من هذا المسجد كبار العلماء من التابعين، وتابعي التابعين.
وظل المسجد النبوي الشريف محتفظاً بمكانته المرموقة في العالم الإسلامي مصدر إشعاع للعقيدة الصافية ومنبراً تعليميّاً رائداً على مر العصور، ولكنه في القرون المتأخرة تحديداً منذ القرن العاشر الهجري بدأ يفقد بعض خواصه المتميزة.
وما أن تولى آل سعود - وفقهم الله تبارك وتعالى - مسؤولية هذا المسجد المبارك حتى أعادوا إليه سالف مجده وعظيم هيبته ومكانته في قلوب المسلمين جميعاً.
نعم لقد أعاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله ومن بعده أبناؤه البررة إلى هذا المنبر العلمي الشامخ دوره العظيم في نشر الدعوة الإسلامية وتكريس العقيدة الصحيحة الصافية المستفادة من الكتاب والسنة وتعليم العلم الشرعي الصحيح النافع، وتمثل ذلك في أمور هي:
١- إقامة الصلوات المكتوبة فيه وفق سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم بحدودها وأركانها وواجباتها وسننها، كما أن عملية اختيار الأئمة تتم وفق ضوابط أساسية أهمها: مكانة الإمام العلمية وحفظه للقرآن وحسن صوته وتلاوته، وخاصة في شهر رمضان المبارك، وذلك للتخفيف على المصلين وإعانتهم على صلاة التراويح والتهجد بطمأنينة وروحانية عالية.