وكان في منهج الملك عبد العزيز توجيه "المطاوعة"من المشتغلين بالعلم والقضاء والإمامة إلى تبصير الناس في "الهجر" بأمور دينهم، وكانت تجربته رائدة في توطين البدو الرحل وحثهم على النزوع إلى حياة التحضر والاستقرار ومن ثم الإقبال على العلم، وكانت مهام "المطاوعة" أو "المرشدين" تتوجه نحو تهذيب أبناء القبائل بفضائل الدين وتفقيههم في أمور الدين من أحكام العبادات والواجبات الدينية، إضافة إلى تعليمهم مبادئ القراءة والكتابة ليتمكنوا من تلاوة القرآن الكريم، وكانت هذه الجهود بمثابة المعاهد العلمية والمدارس الشعبية كان لها أثرها الواضح في القضاء على الأمية بما يتناسب وظروف تلك الحقبة. وكانت تلك الهجر وما واكبها من عوامل الإصلاح نماذج فاعلة لتهيئة أبناء البدو والقبائل للولاء لله تعالى تحت راية الملك عبد العزيز.
ولما دخل الملك عبد العزيز الحجاز سنة ١٣٤٣هـ كانت الفرصة مواتية لتطوير التعليم وتحديث مناهجه في شكل نظام تعليمي تقوم بالإشراف عليه هيئة حكومية. وكان التعليم في ظل المؤسس الملك عبد العزيز سلاحا من أسلحة التوحيد الوطني والدعوة الدينية السليمة، فانتهج رحمه الله ثلاث خطوات في تدعيم التعليم أولاها: دعم المدارس القائمة، الثانية: تنظيم التعليم الديني في الحرمين الشريفين، ثالثتها: إيجاد نواة للتعليم النظامي بإنشاء مديرية المعارف العامة.