ويتلو عليه {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} إلى آخر الآية, والصوم الكتمان فيتلو عليه {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه} , يريد كتمان الأئمة في وقت استتارهم خوفاً من الظالمين ويتلو عليه {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً} , فلو كان عني بالصيام ترك الطعام, لقال:"فلن أطعم اليوم شيئا فدل على أن الصيام الصوت".
فحينئذ يزداد ذلك المخدوع طغيانا وكفرا, وينهمك إلى قول ذلك الداعي الملعون؛ لأنه أتاه بما يوافق هواه والنفس الأمارة بالسوء.
ثم يقول له:"إدفع النجوى تكون سلما ووسيلة حتى نسأل مولانا يضع عنك الصوم"فيدفع اثني عشر دينارا فيمضي به إليه فيقول: "يا مولانا.. عبدك فلان قد عرف معنى الصوم على الحقيقة فأبح له الأكل برمضان"فيقول له: "قد وثقته وأمنته على سرائرنا؟ "فيقول له: "نعم"فيقول: "قد وضعت عنك ذلك", ثم يقيم بعد مدة فيأتيه ذلك الداعي الملعون فيقول له:"لقد عرفت ثلاث درجات فاعرف الطهارة وما هي؟ وما معنى الجنابة ما هي في التأويل؟ "فيقول: "فسر لي ذلك؟ "فيقول له: "إعلم أن معنى الطهارة طهارة القلب, وأن المؤمن طاهر بذاته, والكافر النجس لا يطهره ماء ولا غيره, وأن الجنابة هي موالاة الأضداد, أضداد الأنبياء والأئمة, فأما المني فليس بنجس منه خلق الله الأنبياء والأولياء وأهل الطاعة, وكيف يكون نجسا وهو مبدأ خلق الإنسان وعليه يكون أساس البنيان, فلو كان التطهير منه من أمر الدين لكان الغسل من الغائط والبول أوجب لأنهما نجسان, وإنما معنى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} , معناه فإن كنتم جهلة بالعلم الباطن فتعلموا واعرفوا العلم الذي هو حياة الأرواح كالماء الذي هو حياة الأبدان.