قال الله تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ} .. وقوله:{فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ, خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} , فلما سماه الله بهذا دل على طهارته", ويوهمون ذلك المخدوع بهذه المقالة, ثم يأمره ذلك الداعي أن فيدفع اثني عشر دينارا ويقول: "يا مولانا ... عبدك فلان قد عرف معنى الطهارة الحقيقة, وهذا قربانه إليك"فيقول: "اشهدوا أنني قد أحللت له ترك الغسل من الجناة".
ثم يقيم مدة فيقول له الداعي الملعون: "قد عرفت أربع درجات وبقي لك الدرجة الخامسة فاكشف عنها فإنها منتهي أمرك وغاية سعادتك ويتلو عليه {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} فيقول له: "ألهمني إياه ودلني عليه؟ فيتلو عليه {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} , ثم يقول له: "أتحب أن تدخل الجنة في الحياة الدنيا؟ "فيقول: "وكيف لي بذلك؟ "فيتلو عليه {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى} , ويتلو عليه {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} , والزينة هاهنا ما خفي على الناس من أسرار النساء, لا يطلع عليها إلا المخصصون بذلك, وذلك قوله:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} , والزينة مستورة غير مشهورة, ثم يتلو عليه {وَحُورٌ عِينٌ, كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} , فمن لم ينل الجنة في الدنيا لم ينلها في الآخرة؛ لأن الجنة مخصوص بها ذوو الألباب وأهل العقول دون الجهال؛ لأن المستحسن من الأشياء ما خفي, ولذلك سميت الجنة جنة لأنها مستجنة, وسميت الجن جنا لاختفائهم عن الناس, والمجنة المقبرة لأنها تستر من فيها, والترس المجن