للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الجملة الكريمة استئنافية مؤكِّدة لمعنى ما قبلها من قصر الاختيار لله وحده، وأنّه ليس لأحد أن يختار على الله أو أن يعترض على اختياره وحكمه.

ثمّ إنّ المجيء ب (كان) هنا للدلالة على نفي للكون وهو يفيد أشدّ مما يفيد لو قيل ما لهم الخيرة (١) .

وأمّا (الخيرة) فهي اسم من الاختيار يقوم مقام المصدر، وهي اسم للمختار أيضاً كما يقال: محمد خيرة الله من خلقه (٢) .

مطلب: في بيان موضع التسبيح وغايته:

- جاء تسبيح الله ذاته العليّة في ختام هذه الآية السنيّة بقوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وغايته ومقتضاه في عدّة أمور منها:

- أنّه لمّا كان المقام – ههنا - في بيان انفراده تعالى بالخلق والتقدير والاختيار وأنّه لا نظير له في ذلك نزه الله ذاته من أن يشرك به من الأصنام أو الأنداد التي لا تخلق ولا تختار شيئاً؛ إذ المشاركة توجب المساواة، ولا مساواة - بلاشك - بين من خلق وقدّر واختار وبين من لايستطيع خلقاً ولا يملك تقديراً ولا اختياراً (٣) .

- ثمّ إنّه لمّا كان الدافع لهؤلاء المشركين في اقتراحهم واختيارهم وإعراضهم عن اختيار الله هو شركهم به – تعالى - فإنّه سبحانه نزه نفسه عنه؛ وليدلّ على أنّ غاية أمرهم في ذلك إنّما هو ما امتزجت به نفوسهم من ضلالات شركهم وأهوائهم وجهلهم بقدر الله وحقيقته (٤) .

وليدلّ أيضاً على أنّه لم يجترئ أحد على أن يصف الله تعالى بما لايليق به -آنذاك- إلاّ أهل الشرك هؤلاء. فسبحان الله وتعالى عما يصفون (٥) .

لطيفة:


(١) انظر: تفسير ابن كثير ج٣ ص٣٩٧؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١٣ ص١٢١؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٠ ص١٦٥.
(٢) تفسير البغوي: ج٣ ص٤٥٢_٤٥٣.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ج٣ ص٣٩٧؛ تفسير المهايمي: ج٢ ص١٢٢.
(٤) انظر: محاسن التأويل للقاسمي ج١٣ ص ١٢١.
(٥) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٠ ص١٦٦.