للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- هذا ولقد جيء بالحمد -كما ذكرت- بعد التسبيح، ووُسِّط بين أوقات التسبيح للاعتناء بشأنه والإشعار بأن حقّهما أن يجمع مابينهما (١) .

وإنما قدّم عليه التسبيح لما أنّ التخلية (التنزيه) متقدمة على التحلية (الحمد) (٢) .

- وأما تخصيص التسبيح والتحميد بتلك الأوقات {حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ – وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} . فللدلالة على أنّ مايحدث فيها من آيات عظمة سلطانه وقدرته؛ وأحكام رحمته؛ وتجدّد نعمته لهي شواهد ناطقة على تنزهه تعالى واستحقاقه الحمد وموجبة لتسبيحه وتحميده حتماً (٣) .

- كما أنّ صاحب التحرير أشار إلى أن هذه الظروف متعلقة بما في إنشاء التنزيه من معنى الفعل، أي يُنشأ تنزيه الله في هذه الأوقات وهي الأجزاء التي يتجزأ الزمان منها، والمقصود: التأبيد أي على الدوام، وإنما سلك به مسلك الإطناب لأنّه مناسب لمقام الثناء.

وهذا الذي أشار إليه لايتعارض مع ماذُكر سابقاً (٤) .

ثم إنّ تقديم {عَشِيّاً} على {حِينَ تُظْهِرُونَ} لمراعاة الفواصل وتغيير الأسلوب ولما أنه لايجيء منه الفعل بمعنى الدخول في العشي كالمساء والصباح والظهيرة (٥) .

المبحث الثالث

في معرض ذكر نعمه وآياته بسورة يس:

قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} (٦) .

مطلب: في بيان وجه حكمة مجيء التسبيح في موضعه ههنا:


(١) انظر: تفسير أبي السعود: ج٧ص٥٤. هذا ولقد أشرت إلى حكمة اقتران الحمد بالتسبيح في كثير من الآيات في الفصل السابق والحمد لله.
(٢) المرجع السابق ج٧ص٥٤.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ج٣ص٤٢٨؛ تفسير أبي السعود ج٧ص٥٤-٥٥.
(٤) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢١ ص٦٥.
(٥) تفسير أبي السعود: ج٢١ ص٦٥.
(٦) سورة يس الآية (٣٦) .