للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأتي تسبيح الله ذاته العليّة (ههنا) بعد أن بيّن الله عزّ وجلّ في الآيات السابقة حال فريقي المؤمنين العاملين للصالحات والكافرين المكذبين بالآيات وما لهما من الثواب والعقاب وهي قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} (١) ؛ وذلك ليرشد عباده بما ينجيهم من العذاب ويفضي بهم إلى الثواب، وهو تنزيههم له -عزّ وجلّ- عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله؛ وحمدهم له على ما أنعم به عليهم من نعمه العظيمة وآلائه الجليلة فقال: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} (٢) .

- ويدلّ على هذه المناسبة اقتران التسبيح بالفاء وهي لترتيب ما بعدها على ما قبلها.

- فقوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} خبر في معنى الأمر بالتسبيح لخلقه. فإذا كان هو تعالى ينزه ذاته عن كلّ ما لا يليق بها فعباده مأمورون بلا ريب في تحقيق ذلك.

- وكذلك قوله: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} فإنّ الإخبار بثبوت الحمد له تعالى على المميزين من أهل السموات والأرض في معنى الأمر به على أبلغ وجه وآكده (٣) .

مطلب: في بيان آية التسبيح ومابعدها:

{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} .


(١) سورة الروم: الآيات (١٤-١٦) .
(٢) انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٥ ص١٠٤؛ تفسير أبي السعود ج٧ ص٥٤؛ حاشية الجمل على الجلالين ج٣ ص٣٨٧؛ فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٢١٢؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١٣ ص١٧٠.
(٣) انظر: تفسير أبي السعود ج٧ ص٥٤.