للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن صاحب القلب لا ينتفع بقلبه إلا بأمرين:

أحدهما: أن يحضره ويشهده لما يلقى إليه فإن كان غائباً عنه مسافراً في الأماني والشهوات والخيالات لا ينتفع به فإذا أحضره وأشهده لم ينتفع إلا بأن يلقي سمعه ويصغى بكليته إلى ما يوعظ به ويرشد إليه.

وههنا ثلاثة أمور: أحدها سلامة القلب وصحته وقبوله.

الثاني: إحضاره وجمعه ومنعه من الشرود والتفرق، الثالث: إلقاء السمع وإصغاؤه والإقبال على الذكر. فذكر - الله تعالى - الأمور الثلاثة في هذه الآية " (١) .

والمرتبة الرابعة: هي الحفظ، قال الخليل بن أحمد: "ما سمعت شيئاً إلا كتبتهُ، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته إلا نفعني" (٢) .

وعن الشعبي أنه قال: "كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به" (٣) .

وأما المرتبة الخامسة: فهي العمل به، قال بعض السلف: "كنا نستعين على حفظ العلم بالعمل به". وقال بعض السلف أيضاً: "العلم يهتف بالعمل فإن أجابه حل وإلا ارتحل" (٤) . فالعمل به من أعظم أسباب حفظه، وثباته، وترك العمل به إضاعة له فما استدر العلم ولا استجلب بمثل العمل. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد ٢٨] " (٥) .

وأما المرتبة السادسة: وهي نشره وتعليمه.

وقد قيل: "ما صينَ العلم بمثل العمل به وبذله لأهله" (٦) .

وقال ابن القاسم: "كنا إذا ودَّعنا مالكاً يقول لنا: اتقوا الله وانشروا هذا العلم وعلموه ولا تكتموه" (٧) .


(١) مفتاح دار السعادة (١/١٦٩-١٧٠) .
(٢) جامع بيان العلم وفضله ١/٣٣٥ رقم٤٤٧.
(٣) نفس المصدر ١/٧٠٩ رقم١٢٨٤.
(٤) جامع بيان العلم وفضله ١/٧٠٧ رقم١٢٧٤.
(٥) مفتاح دار السعادة (١/١٧٢) .
(٦) جامع بيان العلم وفضله ١/٤٩٦ رقم٧٨٩.
(٧) نفس المصدر ١/٤٩٢ رقم٧٨١.