للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنه لمن العجيب أن ترى أصحاب الباطل ينشطون في باطلهم ويبذلون له كل غال ونفيس ويتفانون ويتفننون في خدمة ذلك الباطل سواء كان ديناً محرفاً أم فكراً فاسداً أو لهواً محرماً، وبينما ترى بعض أصحاب الحق وطلبة العلم الشرعي الصحيح لا يبذلون من الوقت والجهد كما يبذل أولئك مع ما هم عليه من الحق والفضل والأجر، وما عليه أولئك من الإثم والخزي والخسران المبين في الدنيا والآخرة.

وأعجب من ذلك أن يركن طالب العلم للدنيا وحطامها الفاني وزخرفها الزائل ولا يسعى لتحصيل العلم الذي هو السبيل إلى جنة الخلد الباقية، فلا يليق بطلاب العلم أن يركنوا إلى الدعة والراحة والاشتغال بملاذ العيش ووسائل الراحة والرفاهية التي شاعت في عصرنا الحاضر.

وليعلم طالب العلم أنه إن فوت تحصيل العلم وضيع الأيام والليالي وسَوَّفَ في ساعات الشباب ولم يبادر نفسه ويلزمها مجالس التحصيل والدرس ويغتنم أوقات الفراغ والقوة والنشاط، فإن ذلك إذا مضى لن يعود، فإذا هو فرط في أمانة التحمل ولم يحصل العلم، فإنه من باب أولى أن يكون مفرطاً في مسؤولية الأداء وتبليغ شرع الله، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

فحري بطالب العلم أن يستشعر مسؤوليته ويقوم بواجبه تجاه العلم الشرعي تعلماً وعملاً وتعليماً.

وذلك "بسلوك هدي الأنبياء وطريقتهم في التبليغ من الصبر والاحتمال ومقابلة إساءة الناس إليهم بالإحسان والرفق بهم، واستجلابهم إلى الله بأحسن الطرق وبذل ما يمكن من النصيحة لهم" (١) .

هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ثبت المصادر والمراجع

تذكرة السامع والمتكلم في أداب العالم والمتعلم لبدر الدين ابن جماعة الكناني الناشر: دار الكتب العلمية.

الترغيب والترهيب لأبي القاسم الأصبهاني الناشر مكتبة النهضة الحديثة.

جامع بيان العلم وفضله لأبي عمر يوسف بن عبد البر تحقيق أبي الأشبال الزهيري ط: دار ابن الجوزي، ط١.


(١) مفتاح دار السعادة ١/٦٦.