للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإطراء مجاوزة الحد بالباطل في المدح، والكذب فيه، ومعنى لا تطروني أي: لا تمدحوني بالباطل، أو لا تجاوزوا الحد في مدحي (١) .

والغلو كثير في النصارى فإنهم غَلَواْ في عيسى عليه السلام فنقلوه من حيّز النبوة إلى أن اتخذوه إلهاً من دون الله، يعبدونه كما يعبدون الله، بل غلوا فيمن زعم أنه على دينه من أتباعه، فادعوا لهم العصمة، واتبعوهم في كل ما قالوه سواء كان حقاً أو باطلاً، وناقضتهم اليهود في أمر عيسى عليه السلام فحطوا من منزلته، حتى جعلوه وَلَدَ بغيَّ (٢) .

وقد وقعت الأمة فيما حذرها منه النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو، حيث غلا كثير من الناس في دين الله، وتجاوزا الحد المشروع لهم، وتشبهوا بمن قبلهم من اليهود والنصارى وغيرهم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله: "ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى، وغلا في الدين بإفراط أو تفريط، وضاهاهم في ذلك فقد شابههم، كالخوارج المارقين من الإسلام الذين خرجوا في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقاتلهم حين خرجوا على المسلمين، وكان قتالهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك من عشرة أوجه في الصحاح والمسانيد وغير ذلك، وكذلك من غلا في دينه من الرافضة والقدرية والجهمية والمعتزلة" وقال أيضاً: "فإذا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى الإسلام وقد مرق منه مع عبادته العظيمة، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان، قد يمرق أيضاً من الإسلام، وذلك بأسباب: منها الغلو الذي ذمه الله في كتابه حيث قال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} (٣) (٤) .


(١) تيسير العزيز الحميد، ٣١٤.
(٢) تيسير العزيز الحميد، ٣٠٦-٣٠٧.
(٣) سورة النساء، من الآية (١٧١) .
(٤) انظر تيسير العزيز الحميد، ٣٠٧.