للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا يتبين لنا أن أعظم فتنة ابتُليت بها البشرية إنما هي فتنة الغلو، وأن من أسباب انحراف الأمة عن المنهج الصحيح، والفطرة السليمة، إنما هو مجاوزة الحد الذي أدى ببعض الناس إلى صرف العبادة إلى غير الله تعالى، وذلك بالتقرب والتوسل إلى ما يسمونه بالأولياء والصالحين، والعكوف عند قبورهم بالصلاة أو الدعاء أو الذبح أو النذر أو الطواف أو التبرك بها ونحو ذلك مما هو من الشرك الذي حذرنا الله ورسوله منه، أشد التحذير.

المبحث الثاني: الجهل

إن الجهل داء عظيم، يوصل للضلالة، ويورد المهالك، وهو من أعظم أسباب انحراف الأمة عن المنهج الصحيح، وفي الحديث عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يقبض العلم اننزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساً جُهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" (١) .

قال النووي - رحمه الله -:"هذا الحديث يبيّن أن المراد بقبض العلم في الأحاديث السابقة المطلقة ليس هو محوه من صدور حفاظه، ولكن معناه: أن يموت حملته، ويتخذ الناس جهالاً يحكمون بجهالاتهم فيضلون ويُضلون" (٢) .


(١) صحيح البخاري مع الفتح، ١/١٩٤، كتاب العلم، باب كيف يُقبض العلم، رقم ١٠٠، وصحيح مسلم ٤/٢٠٥٨، كتاب العلم باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان / رقم ٢٦٧١.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٦/٢٢٣-٢٢٤.