للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمراد بالعلم هنا: علم الكتاب والسنة، وهو العلم الموروث عن الأنبياء عليهم السلام، فإن العلماء هم ورثة الأنبياء، وبذهابهم يذهب العلم، وتموت السنن، وتظهر البدع، ويعم الجهل، وأما علم الدنيا، فإنه في زيادة، وليس هو المراد في الأحاديث، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" والضلال إنما يكون عند الجهل بالدين، والعلماء الحقيقون هم الذين يعملون بعلمهم، ويوجهون الأمة، ويدلونها على طريق الحق والهدى" (١) .

ومن أعظم الجهل القول على الله بغير علم، وتحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (٢) .

وقال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ على الله كذباً ليضلّ الناس بغير علم} (٣) .

ومن أفتى أحداً بدون علم، فإنه يبوء بإثمه، وإثم من استفتاه، قال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} (٤) .

وخطورة الجهل تكمن في أن الجاهل يستكبر عن سماع الحق، ويستثقله، ويصور العلم والتعلم بأنه شبح رهيب وأنه بعيد المنال بحيث لا يمكن الوصول إليه، ومن ثم يبقى على جهله إلى أن يموت.


(١) أشراط الساعة، للشيخ يوسف الوابل، ١٣٣.
(٢) سورة الأعراف، الآية (٣٣) .
(٣) سورة الأنعام، من الآية (١٤٤) .
(٤) سورة النحل، الآية (٢٥) .