للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن كثير - رحمه الله: "أي مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه كان دينه ومذهبه" (١) .

وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (٢) .

ونهى المؤمنين عن اتباع الهوى فقال تعالى: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى} (٣) ، وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (٤) ، إلى غير ذلك من الآيات.

واتباع الهوى هو أصل كل شر، وأساس كل بلوى، ومعتمد كل بدعة، ولذلك فهو أشد وطأة من الجهل، لأن الجهل ميسور علاجه، وفي استطاعة من يتلبس به، وذلك بطلب العلم والتفقه في الدين، أما الهوى في أثناء طلب العلم أو بعد تحصيله فهو الآفة الخطيرة التي تحتاج إلى مجاهدة النفس وعلاج الداء.

ولخطورة الهوى وما يسببه من وقوع المرء في الشهوات والشبهات، حذر السلف الصالح رضوان الله عليهم من أهل الأهواء، ومن ذلك:

قول ابن عباس رضي الله عنه:" لاتجالس أهل الأهواء، فإن مجالستهم ممرضة للقلوب" (٥) .

وقال أبو قلابة: "لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن من أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون" (٦) .

وقال إبراهيم النخعي: "لا تجالسوا أهل الأهواء فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب، وتسلب محاسن الوجوه، وتورث الغلظة في قلوب المؤمنين" (٧) ، إلى غير ذلك من أقوال السلف الصالح رضي الله عنهم.


(١) تفسير ابن كثير، ٣/٣٣٥.
(٢) سورة الجاثية، الآية (٢٣) .
(٣) سورة النساء، من الآية (١٣٥) .
(٤) سورة الجاثية، الآية (١٨) .
(٥) الإبانة لابن بطة، ٢/٤٣٨، رقم ٣٧١.
(٦) سنن الدارمي، ١/١٢٠، رقم ٣٩١، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، للالكائي، ١/١٣٤.
(٧) الإبانة لابن بطة، ٢/٤٣٩، رقم ٣٧٥