وباتباع الهوى خرجت الخوارج، ورفضت الروافض، ونبتت الجهمية، وظهرت المعتزلة، وألحدت المرجئة، ونفت القدرية، وضلت الجبرية، وتفرقت الأمة حتى صارت شيعاً وأحزاباً كل حزب بما لديهم يفرحون، فكم حرّف الهوى من شرائع، وبدّل من ديانات، وأوقع الإنسان في ضلال مبين (١) .
المبحث الخامس: تقديم العقل على النقل
ومن أسباب الانحراف في هذه الأمة تقديم العقل واعتماده مصدراً تشريعياً أعلى من كلام الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا كحال بعض المنتسبين إلى الإسلام من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم من الفرق الضالة الذين تأثروا بكتب اليونان وعلومهم، وتبنوا أكثر أفكارهم، فما وافق العقل عندهم قبلوه، وما خالفه ردوه وطعنوا فيه، فابتعدوا بذلك عن العقيدة الصحيحة، وحادوا عن الصراط المستقيم، ولو أنهم تمسكوا بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعلوهما المصدر الوحيد للتلقي، وردوا التنازع إليهما، وسلكوا منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، وابتعدوا عن كل ما يخالف المنهج الصحيح، لما حصل لهم ماحصل من التخبط والضلال، ولما وقعت الأمة في الزيغ والانحراف.
(١) انظر تنبيه أولي الأبصار، للشيخ صالح السحيمي، ١٣٤-١٣٥.