للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١) .

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٢) . فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحدٍ مخالفته، ولا اختيار لأحدٍ ههنا ولا رأي ولا قول (٣) .

لذا فإنَّ الواجب على المسلم أن يُذعن ويسلم لما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يجعل عقله تابعاً لهما، لا مُعارضاً لهما، أو مقدّما عليهما، حتى لا يزيغ عن الحق، ولا يحيد عن الصراط المستقيم.

المبحث السادس: التفرق والتحزب

لقد أصاب الأمة الإسلامية ما أصاب الأمم قبلها من التحزب والاختلاف، فأضحت الأمة شيعاً وأحزاباً، يُخَطِّئ بعضُها بعضاً، {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ، وماذاك إلا لبعدها عن المنهج الصحيح، وهو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاعتصام بهما، والعمل بهما، ورد التنازع إليهما، فإنَّ السبيل الوحيد لجمع الشمل، وتوحيد الكلمة، هو الرجوع التام للمنهج الصحيح: كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على فهم السلف الصالح، ففيه العصمة من التفرق والاختلاف، وفيه النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (٤) .


(١) سورة النور، الآية (٥١) .
(٢) سورة الأحزاب، الآية (٣٦) .
(٣) انظر تفسير ابن كثير، ٣/٥١١.
(٤) سورة آل عمرآن، من الآية (١٠٣) .