للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن الأثير: قوله صلى الله عليه وسلم: "وبارك على محمد وعلى آل محمد" (١) ، أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة، وهو من (بَرَك البعير) إذا أناخ في موضع فلزمه. قال: وتطلق البركة - أيضًا - على الزيادة والأصل الأول (٢) .

وقال النووي: عند قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (٣) ، قيل: معناه ثبت الخير عنده، وقيل: تعالى إلى، والبركة العلو والنماء ... وأصله من البروك وهو الثبوت. ومنه بِركة الماء، وبَرْكة البعير (٤) .

وقد أكَّد الحافظ ابن حجر ما ذكره ابن الأثير والنووي فقال عند قوله "وبارك على محمد": المراد بالبركة هنا: الزيادة من الخير، والكرامة ... وقيل المراد: إثبات ذلك واستمراره من قولهم بركت الإبل أي ثبتت على الأرض، وبه سميت بركة الماء، بكسر أوله لإقامة الماء فيها، والحاصل أن المطلوب أن يعطوا من الخير أوفاه، وأن يثبت ذلك ويستمر دائمًا (٥) .

مما سبق يتضح أن البركة هي النماء والزيادة من الخير، مع ثبوت هذا الخير واستقراره ودوامه واستمراره عند صاحبه، والله أعلم.


(١) يشير هنا إلى الحديث الذي رواه غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم في سؤالهم النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلون عليه؟ فقال: "قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ..."، أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب ١٠ (٦/٤٠٧-٤٠٨) . وكتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم - (١١/١٥٢) . ومسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي (١/٣٠٥-٣٠٦) .
(٢) النهاية في غريب الحديث (١/١٢٠) .
(٣) سورة المؤمنون: من الآية رقم (١٤) .
(٤) تهذيب الأسماء واللغات، (القسم الثاني ص ٢٦) .
(٥) فتح الباري (١١/١٦٢-١٦٣) .