للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: والرِّزق المعنون به هذا البحث، والمستعمل في كل جزئياته إنما هو الرزق الحلال، إذ لا يمكن تصور حصول البركة في الرزق الحرام، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فلئن كان الرزق يشمل - أيضًا - العطايا والمنافع الظاهرة والعطايا الباطنة كما مر، فإن المعوَّل عليه - هنا في هذا البحث - إنما هو الرزق الظاهر، وهو ما يكون بمعنى المال، إذ بين الرزق والمال عموم وخصوص من وجه فكل مال رزق، وليس كل رزق مالاً، لكن يستعمل أحدهما محل الآخر كثيرًا، ولا إشكال في ذلك، وباستقراء الأحاديث الواردة في هذا البحث وما جاء فيها من ذكر البركة، فهي تستعمل مقرونة باللفظين، بل هي مستعملة مقرونة بالرزق أكثر من غيرها، وغالبًا ما يكون الرزق هنا بمعنى المال، وهذا ما دفعني إلى ذكر الرزق في العنوان بدلاً من المال، وإن كان الأمران جائزين، وإذا كان ذلك كذلك فالمال هو: ما ملكته من جميع الأشياء، والجمع أموال، كما قال ابن منظور (١) .

وقال ابن الأثير: "المال في الأصل ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثر أموالهم، ثم قال: وقد تكرر ذكر المال على اختلاف مسمياته في الحديث ويفرق فيها بالقرائن (٢) ".

وقال عبد السلام العبادي: "المال ما كان له قيمة مادية بين الناس وجاز شرعًا الانتفاع به في حال السعة والاختيار " (٣) .


(١) سان العرب (م ول) ١١/٦٣٥.
(٢) لنهاية في غريب الحديث (٤/٣٧٣) .
(٣) الملكية في الشريعة الإسلامية - القسم الأول (ص ١٧٩) .