للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: والواقع العملي خير شاهد لمثل هذا، ومن هذا ما جاء في قصة يوسف - عليه السلام - مع امرأة العزيز وامتناعه عن الوقوع في الحرام مع تهيئة جميع أسباب السلامة له، مخافة لله تعالى، وفي قصة الثلاثة الذين أووا إلى غار فانطبق عليهم، وأخذ كل واحد منهم يدعو الله بصالح عمله، وكان واحد منهم يحب ابنة عم له حباً شديدًا ويراودها عن نفسها مرارًا فتمتنع، ثم ألجأتها الحاجة إلى إجابته فلما أمكنته من نفسها وقعد بين رجليها، قالت له: اتق الله ... فانصرف عنها وهي أحب الناس إليه ... مخافة لله، ولا يخفى ما آل إليه أمر يوسف - عليه السلام - في الدنيا والآخرة من النعيم والكرامة والتمكين كما لا يخفى ما حصل لهذا المنصرف عن الفاحشة مع قدرته عليها مخافة لله تعالى من الفرج في الدنيا وانكشاف الشدة عنه وعن أصحابه الذين كانت لهم أعمال صالحة أيضًا (١) ، والله أعلم.

كما جاء عند مسلم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - يرفعه: "إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يدَّخر حسناته في الآخرة، ويعقبه رزقًا في الدنيا على طاعته" (٢) .

وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} (٣) .


(١) انظر قصة هؤلاء الثلاثة في صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب إذا اشترى شيئًا لغيره (٤/٤٠٨) ، وباب من استأجر أجيرًا (٤/٤٤٩) ، وكتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار (٦/٥٠٥-٥٠٦) .
(٢) الصحيح، كتاب المنافقين، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة (٤/٢١٦٢) .
(٣) سورة المائدة: الآية رقم (٦٦) .