للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما صدقات التطوع والإنفاق وصلة الأرحام: - وقد يدخل (أحيانًا) في مفهومها الصدقة الواجبة - فقد اهتم الإسلام بها اهتمامًا كبيرًا، وقد كان سيد البشر صلى الله عليه وسلم أعظم الناس صدقة بما يملك، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكان سروره بما يعطيه أعظم من سرور من يأخذ منه بما أخذ، وكان يؤثر على نفسه، هذا كله مع تنويع أساليب العطاء بحسب الحالات، وظروف من يعطيهم، وهكذا علَّم أصحابه وبهذا أمرهم وكان يدعو للمتصدق منهم، فتحصل لهم البركة بما أنفقوا وبما أصابهم من بركات دعائه صلى الله عليه وسلم.

والآيات والأحاديث التي تبين أن الصدقة والإنفاق سبب في جلب الرزق وحصول البركة ودوام النعمة كثيرة، ومن ذلك قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} (١) . قوله: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} : أي ينميها في الدنيا بالبركة، ويكثر ثوابها بالتضعيف في الآخرة (٢) .

وقال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (٣) . أي أن الشيطان يعد الإنسان ويمنيه بالفقر وفقد الأموال، وذلك بتأدية الزكاة ويأمره بالمعاصي وترك الطاعات.

بينما الله- عز وجل- يعد المؤمنين بغفران ذنوبهم وسترها بتأدية الصدقة، كما يعدهم أن يخلف عليهم فيتفضل عليهم من عطاياه ويسبغ عليهم في أرزاقهم (٤) .

وقال ابن عطية في معنى قوله: {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً} المغفرة، هي الستر على عباده في الدنيا والآخرة، والفضل، هو الرزق في الدنيا والتوسعة فيه والنعيم في الآخرة (٥) .


(١) سورة البقرة: الآية رقم (٢٧٦) .
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٣/٣٦٢) .
(٣) سورة البقرة: الآية رقم (٢٦٨) .
(٤) جامع البيان عن تأويل القرآن (٥/٥٧١) بتصرف.
(٥) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/٤٥٤) .