للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (١) . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - المرفوع عند كل من أبي داود (٢) ، والحاكم (٣) ، والبيهقي (٤) : لما نزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} (٥) ، قال: كبر ذلك على المسلمين، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم". هذا لفظ أبي داود، وهو عند الحاكم، والبيهقي بنحوه، وقال الحاكم عقبه: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

قلت: والحديث عند أبي داود بسند متصل، رجاله ثقات لا مطعن في واحد منهم، ما خلا جعفر بن إياس (أبو بِشْر) فإنه وإن وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، والعجلي، والنسائي، والبرديجي، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقد احتج به الجماعة، إلا أن شعبة قال حديثه عن مجاهد من صحيفة - يعني أنه لم يسمع منه - وحديثه هنا هو من روايته عن مجاهد عن ابن عباس (٦) ، فالله أعلم.

وقال تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} (٧) .

قال القرطبي: "في معناه قولان: أحدهما: أنه تضاعف لهم الحسنات، والآخر: أنهم قد أضعف لهم الخير والنعيم أي هم أصحاب أضعاف" (٨) .


(١) سورة التوبة: الآية رقم (١٠٣) .
(٢) السنن، كتاب الزكاة، باب في حقوق المال (٢/١٢٦) .
(٣) المستدرك (١/٤٠٩) .
(٤) السنن الكبرى (٤/٨٣) .
(٥) سورة التوبة: الآية رقم (٣٤) .
(٦) تهذيب التهذيب (٢/٨٣-٨٤) ، هدي الساري (ص ٣٩٥) .
(٧) سورة الروم: الآية رقم (٣٩) .
(٨) الجامع لأحكام القرآن (١٤/٤١) .