وقد بين العلماء معنى هذا الحديث وكيف يكون الكيل فيه بركة بما يلي:
١- قال ابن بطال: الكيل مندوب إليه فيما ينفقه المرء على عياله، والمعنى أخرجوا بكيل معلوم يبلغكم إلى المدة التي قدَّرتم.
٢- قال ابن الجوزي: يشبه أن تكون هذه البركة للتسمية عليه عند الكيل.
٣- إن الكيل - غالبًا - يرافقه طلب البركة والدعاء بذلك.
٤- الكيل محمول على الطعام الذي يشترى فالبركة تحصل فيه بالكيل لامتثال أمر الشارع، وإذا لم يمتثل الأمر فيه نزعت البركة منه لشؤم العصيان، وبناءً على هذا فالكيل بمجرده، لا تحصل به البركة ما لم ينضم إليه أمر آخر وهو امتثال الأمر فيما يشرع فيه الكيل، كما لا تنزع البركة من المكيل بمجرد الكيل ما لم ينضم إليه أمر آخر كالمعارضة أو المخالفة، ونحوهما.
٥- ويحتمل أن المراد بالكيل هنا هو عند الادخار طالبين من الله البركة، واثقين بالإجابة، أما من يكيل بعد ذلك ليتعرف مقداره فيكون ذلك شكًا في الإجابة فيعاقب بسرعة نفاده.
٦ - البركة التي تحصل بالكيل بسبب السلامة من سوء الظن بالخادم لأنه إذا أخرج بغير حساب قد يفرغ ما يخرجه وهو لا يشعر فيتهم من يتولى أمره بالأخذ منه، وقد يكون بريئا، وإذا كاله أمن من ذلك (١) .
المطلب العاشر: اتّباع السُّنّة
إن الأخذ أو العمل بكل سبب من الأسباب الجالبة للبركة السابقة الذكر فيه اتباع للسنة بلا شك، والمراد ذكره هنا هو: أن اتباع السنة في كل الأمور الواجبة منها والمستحبة اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم محبةً له واتباعًا لكل ما جاء عنه، وذلك طلبًا لحصول بركة هذا الاتباع في الدنيا والآخرة فإن هذا بحد ذاته يعد سببًا من أسباب استجلاب الخير والبركة في الدنيا والآخرة ويمكن إلحاقه بالأسباب الجالبة للبركة استقلالاً.
(١) ... انظر في كل هذا: فتح الباري (٤/٣٤٦) بشئ من التصرف.