للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن عباس–رضي الله عنهما– أنه قال:"لو أن مائة قتلوا واحدا

قتلوا به" (١) .فهذا ما ثبت عن هؤلاء الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان

إجماعا (٢) .

واعترض على هذا:

... بأن حكم عمر وغيره من الصحابة – رضي الله عنهم – لا يعدو كونه فعل صحابي فلا تقوم به حجة ودعوى الإجماع غير مقبولة (٣) .

... ولما ثبت أن معاذا قال لعمر – رضي الله عنهما –:" ليس لك أن تقتل نفسين بنفس" (٤) .

... وما جاء عن عمرو بن دينار حيث قال: "كان عبد الملك وابن الزبير لا يقتلون منهم إلا واحدا" (٥) .

... فيتضح مما سبق أن الصحابة لم يجمعوا على حكم المسألة. والمقرر في الأصول أن الصحابة إذا اختلفوا لم يجز العمل بقول من أقوالهم إلا بترجيح (٦) .

وأما المعقول:

١- أننا لو لم نوجب القصاص عليهم لجعل الاشتراك ذريعة لسفك الدماء ولأدى ذلك إلى إسقاط حكمة الردع والزجر (٧) .

٢- أنها عقوبة تجب للواحد على الواحد، فوجبت للواحد على الجماعة كحد القذف (٨) .

٣- أن قتل النفس أغلظ من هتك العرض والقذف، فإذا حد الجماعة بقذف الواحد كان قتلهم بقتل الواحد أولى (٩) .

٤- أنه منطلق على كل واحد من الجماعة اسم القاتل للنفس، فوجب أن يجري عليه حكمه كالواحد (١٠) .

٥- أن ما وجب في قتل الواحد لا يسقط في قتل الجماعة كالدية (١١) .


(١) أخرجه عبد الرزاق ٩/٤٧٩، وذكره ابن عبد البر ي الاستذكار ٢٥/٢٣٥.
(٢) انظر: الاختيار ٥/٢٤٠، الذخيرة ١٢/٣١٩ وما بعدها، المغني ١١/٤٩١.
(٣) انظر: سبل السلام ٣/٢٤٣.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٥/٤٢٩ في الديات، باب الرجل يقتل بالنفر.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٩/٤٧٩، وابن أبي شيبة ٥/٤٢٩ في الديات، باب الرجل يقتل بالنفر.
(٦) انظر: أضواء البيان ٢/٩٥.
(٧) انظر: الذخيرة ٢/٣٢٠، المغني ١١/٤٩١.
(٨) انظر: المصدرين السابقين.
(٩) انظر: الحاوي ١٢/٢٨.
(١٠) انظر: أحكام القرآن للجصاص ١/١٧٨، الحاوي ١٢/٢٨.
(١١) انظر: الحاوي ١٢/٢٨.