الوجه الثاني: أن الرسول- صلى الله عليه وسلم - لا يقول خلاف الحق لا في حياته ولا في وفاته وهذه الوصية تخالف شريعته مخالفة ظاهرة من وجوه كثيرة - كما يأتي - وهو- صلى الله عليه وسلم - قد يُرى في النوم، ومن رآه في المنام على صورته الشريفة فقد رآه لأن الشيطان لا يتمثل في صورته كما جاء بذلك الحديث الصحيح الشريف، ولكن الشأن كل الشأن في إيمان الرائي وصدقه وعدالته وضبطه وديانته وأمانته، وهل رأى النبي- صلى الله عليه وسلم - في صورته أو غيرها، ولو جاء عن النبي- صلى اله عليه وسلم - حديث قاله في حياته من غير طريق الثقاة العدول الضابطين لم يعتمد عليه أو يحتج به أو جاء من طريق الثقاة الضابطين ولكنه يخالف رواية من هو أحفظ منهم وأوثق مخالفة لا يمكن معها الجمع بين الروايتين لكان أحدهما منسوخاً لا يعمل به، والثاني ناسخ يعمل به حيث أمكن ذلك بشروطه، وإذا لم يمكن ذلك ولم يمكن الجمع وجب أن تطرح رواية من هو أقل حفظ وأدنى عدالة والحكم عليها بأنها شاذة لا يعمل بها فكيف بوصية لا يعرف صاحبها الذي نقلها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تعرف عدالته وأمانته فهي والحالة هذه حقيقة بأن تطرح ولا يلتفت إليها وإن لم يكن فيها شيء يخالف الشرع فكيف إذا كانت الوصية مشتملة على أمور كثيرة تدل على بطلانها وأنها مكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومتضمنة لدين لم يأذن به الله، وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار"، وقد قال مفتري هذه الوصية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل، وكذب عليه كذبا صريحاً خطيرا فما أحراه بهذا الوعيد العظيم وما أحقه به إن لم يبادر بالتوبة وينشر للناس أنه قد كذب هذه الوصية على رسول الله- صلى اله عليه وسلم - لأن من نشر باطلا بين الناس ونسبه إلى الدين لم تصح توبته منه إلا بإعلانها وإظهارها حتى يعلم الناس رجوعه عن كذبه