كتاب مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

العدد ١١٩ - الاشتراك المتعمد في الجناية على النفس بالقتل أو الجرح٢ - ج: 47 - ص: 334

بأن الطرف ليس من النفس المقتص منها، وإنما يفوت تبعا، ولذلك كانت ديتها واحدة، بخلاف اليد الشلاء والناقصة مع الصحيحة فإن ديتها تختلف (١) .

٥- أن الاشتراك الموجب للقصاص في النفس يقع كثيرا فوجب قطع الجماعة بالواحد زجرا عنه مخافة أن يتخذ ذلك وسيلة إلى كثرة القتل، والاشتراك المختلف فيه لا يقع إلا في غاية الندرة، فلا حاجة إلى الزجر عنه (٢) .

٦- أن إيجاب القصاص على المشتركين في النفس يحصل به الزجر عن كل اشتراك أو عن الاشتراك المعتاد، وإيجابه على المشتركين في العضو لا يحصل به الزجر عن ذلك ولا عن شيء من الاشتراك إلا عن صورة نادرة الوقوع، بعيدة الوجود، يحتاج في وجودها إلى تكلف، فإيجاب القصاص للزجر عنها يكون منعا لشيء ممتنع بنفسه لصعوبته، وهذا لا فائدة فيه، بخلاف الاشتراك في النفس (٣) .

الراجح:

... بعد عرض أقوال العلماء وأدلتهم في حكم القصاص من الجماعة عند اشتراكهم في قطع طرف أحد فإنه يظهر لي من أدلة أصحاب القول الأول والثاني: أنه لم يثبت في المسألة نص من الكتاب أو السنة، بل غاية ما تمسك به القائلون بمشروعية القصاص من الجماعة والحالة ما ذكر هو الأثر المروي عن علي رضي الله عنه، وهذا قول صحابي لم يعرف له مخالف في عصره فيكون إجماعا سكوتيا، إلا أن يقال أن لازم قول من قال بعدم جواز قتل الجماعة من الصحابة – رضي الله عنهم – يقتضي ألا يجيز أولئك الصحابة – رضي الله عنهم – القصاص من الجماعة للواحد فيما دون النفس، وإن كان لازم القول ليس قولا.

... أما ما استدل به كل من أصحاب القولين من المعقول، فله حظ من النظر لوجاهته وقوته، وإن كان بعضه أولى في الاعتبار من بعض. وبناء على ذلك فإنه يترجح لي القول: بأن يقتص من الجماعة للواحد فيما دون النفس، لما يلي:

---

(١) انظر: المصدر السابق.
(٢) انظر: البناية ١٢/١٦٢، البحر الرائق ٨/٣٥٦، المغني ١١/٣٩٤.
(٣) انظر: المغني ١١/٤٩٤.