للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (١) ... ذكر في سبب نزول الآية الكريمة عن ابن جريج، عن عكرمة أن عثمان بن مظعون، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود، وسالماً مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم في صحابة تبتلوا، فجلسوا في البيوت، واعتزلوا النساء، ولبسوا المسوح (٢) ، وحرموا طيبات الطعام واللباس، إلا ما يأكل ويلبس أهل السياحة من بني إسرائيل، وهموا بالاختصاء، وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} يقول: لا تسيروا بغير سنة المسلمين، يريد ما حرموا من النساء والطعام واللباس، وما أجمعوا له من قيام الليل وصيام النهار، وما هموا به من الاختصاء، فنزلت فيهم، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: "إن لأنفسكم عليكم حقاً، وإن لأعينكم حقاً، صوموا وأفطرواً، وصلوا وناموا، فليس منا من ترك سنتنا". فقالوا: اللهم سلمنا واتبعنا ما أنزلت (٣) .


(١) سورة المائدة، الآية: ٨٧.
(٢) المسوح جمع "مِسْح" بكسر الميم وإسكان السين كساء من شعر. انظر مختار الصحاح، ص (٤٥٥) ، والمعجم الوسيط (٢/٩٠٣) "مسح".
(٣) شرح العقيدة الطحاوية، ص (٧٨٨-٧٩٠) . والأثر بهذا اللفظ أخرجه ابن جرير في تفسيره برقم (١٢٣٤٨) عن ابن جريج عن عكرمة. قال ابن كثير بعد أن أورد هذا الأثر في تفسيره (٢/٨٩) : "وقد ذكر هذه القصة غير واحد من التابعين مرسلة، ولها شاهد في الصحيحين من رواية عائشة أم المؤمنين". قلت: وللوقوف على هذه الروايات المرسلة انظر جامع البيان (١٠/٥١٤-٥١٨) ، وتفسير ابن أبي حاتم (٤/١١٨٧) . والمؤلف إما أنه نقل سبب النزول من جامع البيان، أو من تفسير شيخه ابن كثير.