للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

... قال تعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} (١) الخلاق: النصيب، قال تعالى: {وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} (٢) ، أي استمتعتم بنصيبكم من الدنيا، كما استمتع الذين من قبلكم بنصيبهم (٣) ، {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} ، أي: كالخوض الذي خاضوه، أو كالفوج، أو الصنف، أو الجيل الذي خاضوا (٤) . وجمع سبحانه بين الاستمتاع بالخلاق وبين الخوض؛ لأن فساد الدين إمَّا في العمل، وإمَّا في الاعتقاد، فالأول من جهة الشهوات. والثاني من جهة الشبهات (٥) .

وروى البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتأخُذَنَّ أمتي مآخذ القرون قبلها شبراً بشبر، وذراعاً بذراع" قالوا: فارس والروم؟ قال: "فمن الناس إلا أولئك" (٦) .


(١) سورة التوبة، الآية: ٦٩.
(٢) سورة البقرة، الآية:٢٠٠. وانظر جامع البيان (٤/٢٠٣) تجد ابن جرير يُفسِّر الخلاق بما قال المؤلف.
(٣) نحو هذا التفسير الذي قاله المؤلف في معالم التنزيل (٢/٣٠٩) ، وفتح القدير (٢/٣٩٨) .
(٤) نحو هذا التقدير الذي ذكره المؤلف قاله الزمخشري في الكشاف (٢/٢٠١) ولعل المؤلف أخذه منه.
(٥) من قوله: (وجمع) ، إلى قوله: (الشبهات) مأخوذ من كلام الإمام ابن القيم بتصرف يسير. انظر بدائع التفسير (٢/٣٦٧) .
(٦) شرح العقيدة الطحاوية، ص (٣٣٨، ٣٣٩) . وهناك أحاديث غير هذا الحديث أوردها المؤلف هنا، وهي بمعنى هذا الحديث. وهذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه مع الفتح برقم (٧٣١٩) ، والإمام مسلم في صحيحه برقم (٢٦٦٩) وقد أشار طائفة من المفسرين إلى هذا الحديث، أو ما في معناه عند تفسير هذه الآية. انظر جامع البيان (١٤/٣٤١، ٣٤٢) ، وتفسير القرآن للسمعاني (٢/ ٣٢٦) ، ومعالم التنزيل (٢/٣٠٩) ، وتفسير القرآن العظيم (٢/٣٦٩) .