فقال عمر: "ما على هؤلاء متى وردوا". فقال:
خذ العقب واحلب أيها العبد واعجل
وما سمي العجلان إلا لقوله
فقال عمر: "خير القوم أنفعهم لأهله". فقال تميم: "فسله عن قوله:
ـئيم ورهط العاجز المتذلل
أولئك أولاد الهجين وأسرة اللـ
فقال عمر: "أما هذا فلا أعذرك عليه فحبسه وضربه".
وذكر أيضاً في ترجمة لبيد بن ربيعة أنه أمر عامله على الكوفة أن يسأله عمَّا أحدث من الشعر بعد الإسلام فقال لبيد: "أبدلني الله خيراً من ذلك سورة البقرة وآل عمران". فزاد عمر في عطائه..
وذكر صاحب الأغاني القصة وزاد أنه أنقص من عطاء الأغلب العِجْلي لما قال جواباً على ذلك:
لقد طلبت هيناً موجوداً
أرجزاً تريد أم قصيداً
فهذان الخبران يدلان على أنه رضي الله عنه لم يكن يرضى من الشعراء الاشتغال بما كانوا يشتغلون به من مقاصد الهجاء واللهو واللغو.. وأنه كان يحرِّضهم على الاشتغال بالقرآن فهو أبلغ بيان وأعظم منهل وتلاحظ في نفس الوقت أنه رضي الله عنه تجاهل في بادئ الأمر ما هو مضمَّن من الهجاء في أبيات النجاشي ولا يقولن قال أن ذلك كان عدم معرفة بالشعر فإن قوله:
إذا الله جازى أهل لؤم بذمة
يكاد يكون صريحاً في قصد الذم والهجاء، إلا أن عمر لم يرد إذكاء النار بينهما أو بين القبيلتين وحاول أن يدرأ الحد بالشبهة وأن يلطِّف الجو. وأنت تعلم أثر الهجاء في العرب.. حتى إذا انكشف الهجاء صريحاً في البيت الأخير عاقبه وضربه وحبسه.. ومثل هذا ما يروى عن حبسه للحطيئة لما استعداه عليه الزبرقان ابن بدر فقد حاول رضي الله عنه في البداية أن يصلح بينهما ويتجاهل قصد الهجاء في قول الحطيئة:
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
ثم حكم فيه حسان بن ثابت رضي الله عنه فحكم عليه حسان..