للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال النووي (ت ٦٧٦) في شرحه على صحيح مسلم: "وقد أجمع أهل الحل والعقد على تحريم الكذب على آحاد الناس, فكيف بمن قوله شرع وكلامه وحي والكذب عليه كذب على الله تعالى, قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (١) " (٢) .

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حكم وضعه, وتوعد بالعقاب الشديد والعذاب الأليم لمن فعل ذلك, حيث قال صلى الله عليه وسلم: "حدثوا عني ولا حرج, بلغوا عني ولو آية, إن كذباً علي ليس ككذب على أحد, - روايات متعددة جاء في نهايتها كلها - ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (٣) وقد حكي عن بعض الحفاظ أنه قال: "لا يعرف حديث اجتمع على روايته العشرة المبشرون بالجنة إلا هذا, ولا حديث يروى عن أكثر من ستين صحابيا إلا هذا" (٤) وقد رواه ابن الجوزي (ت ٥٩٧) عن واحد وستين صحابيا, وسرد تلك الروايات في مقدمة موضوعاته (٥) ، بل قال ابن دحيه (ت ٦٣٣) "قد أخرج من أربعمائة طريق" (٦) ، ولهذا قال ابن الصلاح (ت ٦٤٣) : "وليس في الأحاديث ما في مرتبته من التواتر " (٧) فيكون ما دل عليه من حكم الوضع والكذب ضروري العلم قطعي الثبوت.

عقوبة الواضع:


(١) سورة النجم الآيتان ٣, ٤.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ج١ ص ٧٠.
(٣) هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه في مواضع متعددة منها كتاب العلم باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم (١/١٩٩-٢٠٢ رقم ١٠٦-١١٠) وغير ذلك من المواضع، ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الزهد باب التثبت في الحديث (٤/٢٢٩٨ - ٢٢٩٩ حديث رقم ٧٢/٣٠٠٤) . كما رواه بهذه الألفاظ وغيرها عدد كثير من الصحابة، وقد يبلغ حد التواتر.
(٤) علوم الحديث: لابن الصلاح ص ٢٤٢-٢٤٣.
(٥) انظر: الموضوعات: لابن الجوزي ح١ ص ٥٦-٩٤.
(٦) فيض القدير: للمناوي ج٦ ص ٢١٦.
(٧) الأسرار المرفوعة (مقدمة المحقق ص ١٦) وانظر: علوم الحديث ص ٢٤٢.